«كنيسة من أجل عالمنا»

«كنيسة من أجل عالمنا»!

«كنيسة من أجل عالمنا»!

 صوت الإمارات -

«كنيسة من أجل عالمنا»

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

للشقيقين الشابين: سليم وسمير بيت شامي تقليدي في حي باب توما الدمشقي. بحرة ذات نافورة في ساحة الدار، وياسمينة تتعربش على حيطانها. الاثنان كانا من أقرب أصدقائي السوريين، ومثلي كانا عروبيين ـ ناصريين. سمير يهوى الأدب وكتابة القصة القصيرة، وشقيقه الأكبر سليم يشتغل محاسباً.
كانت لصدمة حزيرانية صدى «زعزوعة» في شلّة أصدقاء، ولبّى سليم دعوة شباب سوريين ولبنانيين مسيحيين كاثوليك، إلى مؤتمر في «عين تراز» اللبنانية لنقاش موضوعه: «كنيسة من أجل عالمنا».
في تلك الحقبة الستينية ـ السبعينية، كان هناك في أميركا اللاتينية قساوسة ورجال دين مسيحيون كاثوليك، انحازوا إلى الكفاحية الغيفارية والساندينية، في مقارعة طغاة مستبدّين من صنائع «اليانكي» الأميركي، ووضعوا ما سموه «لاهوت التحرير» لإصلاح الكنيسة.
في عصور وسطى، حاكمت الباباوية الرومانية بتهمة الهرطقة عالم الفلك غاليلو، ليرتدّ عن «اكتشافه» أنّ الأرض كروية.. فانصاع، لكنه تمتم «لكنها تدور»!
مجمع الكرادلة في الفاتيكان، أطلق دخاناً أبيض في العام 2005، وانتخب للمرة الأولى للكرسي الرسولي والحبر الأعظم بابا ولد في الأرجنتين العام 1936، هو خورخي ماريو برغوليو، الذي اتخذ اسماً هو فرنسيس، نصير الفقراء المعدمين.
كان على الدوام باباوات محافظون أو إصلاحيون، لكن لعلّ البابا فرنسيس كان أصغرهم، وهو الأول من أميركا اللاتينية، ولعلّه كان قساً في ريعان شبابه إبّان قساوسة كاثوليك هناك شاركوا في وضع «لاهوت التحرير».
مع بابوية فرنسيس تسارعت خطوات الكنيسة الكاثوليكية إلى «العصرنة»، أو إلى الانتقال من الإيمان بتعاليم دينية قديمة إلى القوانين البشرية الوضعية.
خطا البابا فرنسيس، الذي هو البابا 266 على الكرسي الرسولي، خطوتين كبيرتين في عام واحد. أولاً، قال، إن فكرته عن النعيم والجحيم السماوي ليست كما في الإيمان الديني القديم؛ وإن لنعيم الجنة وعذاب النار في الآخرة مفهوما آخر للثواب والعقاب، في الدنيا والآخرة، قال، «ليس الإيمان بالله شرطاً لدخول السماء»!
في عصر الأنوار الإسلامي، الذي كان لقرنين انصرما من الزمان، قال فلاسفة ومفكرون إسلاميون عظام، إن جنّات الخلد في الآخرة هي «نعيم عقلي» لا نعيماً دنيوياً «حسّياً».
بعد جريمة بربرية فظيعة لشاب شيشاني نحر عنق معلّم فرنسي، كتب صديق مثقف، فلسطيني ـ فرنسي على «الفيسبوك» عبارة بالفرنسية هي «سلام لروحه» التي يستخدمها العلمانيون، وفي العربية «أسكنه الله في جنّاته الفسيحة» التي يستخدمها المسلمون سواء المتدينون المعتدلون أو المتدينون المتطرفون «الجهاديون»!
الخطوة الثانية الجديدة للبابا الإصلاحي كانت أن المثليين، رجالاً كانوا أم نساءً، هم، أيضاً، من «أحباب الربّ» فرفع عنهم التحرير الديني، وأجاز لهم تكوين أسرة، كما سبق وأجازت ذلك قوانين وضعية للعديد من الدول الأوروبية.. المقصود هو حماية مجتمعية للمثليين وليس الزواج الديني الكنسي.
الكنيسة الكاثوليكية «تطوّب» أخياراً مسيحيين وترفعهم إلى «قدّيسين» سواء أكانوا رجالاً أم نساءً، لكن يبقى أن رأس الديانات التوحيدية الثلاث يكون من الرجال، خلاف الديانات الإنسانية اللاسماوية القديمة التي رفعت شأن النساء إلى «ربّة» أو «إلهة» وثنية تُعبد ويتقدس بها!
الملّة الكاثوليكية هي الطائفة المسيحية العالمية الأكبر، ومن زمان انتهت الحروب المسيحية الأهلية وفظائعها الكبيرة، لكن لم تنته حروب المذاهب الإسلامية. إلى ذلك، يبدو أن الإسلامية «احتلت» العروبة القومية، كما اليهودية «احتلت» الصهيونية.
لماذا تبدو المسيحية الغربية، ذات المنشأ غير الأوروبي، أكثر قابلية للتحديث والعصرنة من الديانة الإسلامية، والديانة اليهودية؟ ربما لأن الأولى تنزيل بالوحي إلى الرسول الأعظم، والثانية لأن موسى هو «كليم الله».
الإنجيل المسيحي هو واحد في كتاب، لكنه ذو بشائر أربع، وقد كتبه تلاميذ ورسل المسيح (متّى، مرقص، يوحنا.. ولوقا). الأول توجه لليهود، والآخرون للمسيحيين فصارت روما مسيحية كما اليونان، وإن كانت الأولى ملّة كاثوليكية والثانية ملّة أرثوذكسية.
القرآن الكريم يجمع المسلمين، وهو رسالة الإسلام للعالمين قبل «التمذهب» للمذاهب الأربعة.
حالياً، يبدو الإنجيليون الأميركان والتوراتيون اليهود، والجهاديون الإسلاميون على وفاق أو خلاف، لكنهم في النتيجة يخدمون بعضهم بعضاً، وإن كفّروا بعضهم بعضاً، أو توافقوا سياسياً على الانتساب إلى ملّة إبراهيم ـ إبراهام ـ إبرام.

الغوغائيون الثلاثة
انضمّ الرئيس ماكرون العلماني إلى الغوغائية التي سبقه إليها الرئيس ترامب حليف الإنجيليين، وهناك، أيضاً، غوغائية الرئيس أردوغان.
ماكرون يدّعي الدفاع عن قيم «الجمهورية» وشعاراتها الثلاثة: حرية. إخاء. مساواة، بوصف الثورة العلمانية الفرنسية العظمى أوّل «جمهورية» في العالم، علماً أن كتاب أفلاطون «الجمهورية» استخدم كلمة إغريقية هي «الديمقراطية»، فلا يوجد في الإغريقية كلمة «الجمهورية» أو كلمة «ريبابليك». اسم جمهورية قبرص هو «ذيموكراتيّا».
ترامب يريد إعادة مجد الإمبريالية الأميركية و»جعل أميركا عظيمة».. وأردوغان يريد إعادة مجد الأتاتوركية والعثمانية والإسلام معاً.
.. أما البابا فرنسيس فيريد «كنيسة من أجل عالمنا» إلى كونها كنيسة الربّ والسيّد المسيح عليه السلام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كنيسة من أجل عالمنا» «كنيسة من أجل عالمنا»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:12 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإمارات تقدم مساعدات إنسانية لدعم الأمن الغذائي في تشاد
 صوت الإمارات - الإمارات تقدم مساعدات إنسانية لدعم الأمن الغذائي في تشاد

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates