النبالي الصغير

النبالي الصغير

النبالي الصغير

 صوت الإمارات -

النبالي الصغير

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

النبالي صافي صافي «قرص» قلبي في شارع رام الله الرئيس، بالأمس. مع تحية الصباح لصديقه (الذي هو صديقي)، بدأ يحكي همومه/ اهتماماته، فهو عضو اللجنة التنفيذية لـ «أسبوع بيت نبالا/ خمسون عاماً».
أي «خمسينية» تعني، عفو الخاطر، خمسينية النكبة. صحيح، أنني سطوت على عبارة أثيرة، لابن حيفا، غسان كنفاني «أنا أكبر من إسرائيل»، غير أنني ابن النكبة (ولو كنت أكبرها بأعوام أربعة).
و»قرصني» هذا المواطن النبالي (الذي يبدو أصغر مني) لأنه لفتني بعد أن صادرت منه نسخة عن برنامج الاحتفالات (الأوّلي والمقرّر) ونبذة تاريخية عن بيت نبالا أعدّتها «جمعية بيت نبالا الخيرية». قال: بيت نبالا، وليس بير نبالا.. من فضلك.
أحد كتب لغويي العصر، نعوم شومسكي، عدّت من بين الأمهات المائة لكتب القرن العشرين (نصيبنا منها كتاب «الاستشراق» لإدوارد سعيد).. وهذه المعلومة ليست إلّا لكي «ألغو» بأحد أسرار فلسطين العبقرية (عبقرية المكان والزمان.. والإنسان) التي جعلت ثلاث كلمات تتسيّد قسماً كبيراً من أسماء القرى (بير، بيت، دير).
ابن المواطن صافي، وهو بين السادسة والسابعة - يصيخ السمع لحديث الكبار عن برنامج الجمعية لإحياء أسبوع بيت نبالا.
بدا لي أن الاهتمام البالغ لهذا الولد، يتناقض تماماً مع مضمون مقالة للإسرائيلي البالغ بنيامين بيت – لحمي، وفيها يتحدث عن إحساس الإسرائيليين بنوع من «الخواء» الروحي والسياسي في «يوبيل إسرائيل».
هذا «الخواء» الإسرائيلي يعاكس القهر الفلسطيني الممزوج بمشاعر «الامتلاء».
ابن صافي يصغي في الشارع، ويصغي، أيضاً، في صفه المدرسي الأوّل. من المؤكد أن ابن صافي يعرف نفسه - دون أدنى تردّد - أنه من بيت نبالا؛ فهو نبالي صغير.
لا تعرف الجمعية - أو لا تقطع - سبب تسمية القرية باسمها. هناك رواية كنعانية (كالعادة) ورواية إسلامية (كثافة الغابات التي كانت تصنع منها النبال).. ورواية «لغوية» أيضاً (بيت النبالة) أي النبلاء.
كان في بيت نبالا، عام النكبة، زهاء 5000 (بالضبط 4830) نسمة، وهم الآن لا يقلّون عن 25 ألفاً.
القرية خضعت للاحتلال في 13-7-48 وتم تدميرها، فصارت إحدى الـ 450 قرية المدمرة. أي: إحدى الـ 450 «نكبة»، لأن كل فلسطيني نكبة صغرى وأخرى كبرى؛ نكبة البلدة ونكبة البلد/ العائلة الصغيرة والشعب برمّته.
دزينتان من الشخصيات في عضوية اللجنة التنفيذية، وثلاث دزينات في عضوية اللجنة الاستشارية (عددت من بينهم 11 دكتوراً) لعلّ أبرزهم د. شريف كناعنة (لمجرّد أنني أقرأ له شيئاً مفيداً للذاكرة الفلسطينية).
إذا سارت نشاطات أسبوع بيت نبالا سيرها الطيب، سيصبح لدى الجمعية مكتبة، وأرشيف، وبيبلوغرافيا.. وأظنّ أنّ ابن صافي سوف يغرف من هذا الإنجاز، الذي لولا تأسيس السلطة الفلسطينية ما كان له أن يرى النور، هو وسائر النشاطات، المتشعبة والمتعمقة، وحول «يوبيل النكبة» الوبيلة. وبذلك، تتحقق إحدى فقرات إعلان الاستقلال، عن بناء الشعب حياته وإحيائه ذاكرته في وطن حرّ مستقل، والبركة في أحفاد اللاجئين (مثل ابن صافي) الذين نوفّر لهم مكتبة منهاجية للذاكرة.
ولمناسبة الذاكرة/ الإنسان حدَّثني د. عامر بدران، من قبلان، في عيادته صباح أمس، عن طرفة حصلت له على شاطئ فارنا البلغارية أثناء دراسته. حاوره «كهل» ثم حادثه: من أين أنت؟ من فلسطين؟ لا توجد فلسطين! بل توجد! من أي مكان أنت! من قبلان! أين قبلان؟ قرب اللبّن. فقال الكهل: أنت جاري فأنا من «اللبّن العليا» (معاليه لبوناه).. فتصافحا، على مضض أو دفعاً للإحراج، بعد أن قال السائح الكهل: أنت من إسرائيل، فقال الصاحب: بل أنت تعيش في فلسطين.
بعض الإسرائيليين العلمانيين ثرثروا، مؤخراً، مع صديق عن مبدأ «حق الجوار» أو «المجاورة».. على أن يكون حقاً متبادلاً. فقلت له أن يبلغهم ما يأتي: فكيف نذهب (هو وأنا) حتى إلى «الناصرة العليا»، ولا نستطيع أن ندخل من بوابة مستوطنة «بيت إيل».
ربما على كاهل ابن صافي أن يصنع الحل لأولاده، بعد أن صنعوا لهم حلاً كان على حساب جده في بيت نبالا، حتى وهم يصنعون لأنفسهم حلاً على حسابنا في لسان «أريئيل» و«غوش عتصيون».
حسن البطل
من قديم حسن البطل (28-4- 1998)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النبالي الصغير النبالي الصغير



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:12 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإمارات تقدم مساعدات إنسانية لدعم الأمن الغذائي في تشاد
 صوت الإمارات - الإمارات تقدم مساعدات إنسانية لدعم الأمن الغذائي في تشاد

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates