حتى قيل «كل إسلام هو الإسلام»

حتى قيل: «كل إسلام هو الإسلام» ؟!

حتى قيل: «كل إسلام هو الإسلام» ؟!

 صوت الإمارات -

حتى قيل «كل إسلام هو الإسلام»

حسن البطل

كم مرّة ترِد عبارة: «أماته شرّ ميتةٍ»؟ تجدونها ما لا يحصى من المرّات في كتب التاريخ والتراث. مثلاً في مؤلف الشاعر أدونيس «الكتاب» وبخاصة في الجزء الثاني من ثلاثيته، وهو قد صدر بين نهاية قرن وبداية قرن، أي قبل ما رافق «الربيع العربي» من مدّ وفظاعة قتل لفرق إسلامية جهادية!
أنا وجدتها، أيضاً، في ثنايا تسلية «كلمات متقاطعة» (الأيام ـ أمس الأول ـ الجمعة) عن ابن المقفّع، الفارسي ـ العربي، الذي «أماته شرّ ميتة» والي البصرة، بأمرٍ من الخليفة المنصور لأسباب سياسية.
لغير أسباب سياسية، أي دينية وطائفية وشخصية تتكرر «الإماتة شرّ ميتة» في التاريخ العربي ـ الإسلامي، وقبله في اليهودية والمسيحية، وقبلهما في الوثنية.
إذا كان «شرّ البليّة ما يُضحك»، فسنراه، أيضاً على شاهدة قبر قديم: «هذا مولانا (فلان) رضي الله عنه، الذي قتله مولانا (فلان) رضي الله عنه!
من صور «إماتة شرّ ميتة» أن يرد في التاريخ العربي ـ الإسلامي حكم الإماتة على الطريقة التالية: تُقطّع أطرافه. يُصلب. يُقتل.. ثم يُحرق، كما ويمكنكم التفتيش حول طريقة قتل السهروردي بأمر من صلاح الدين الأيوبي.
لماذا خصصت إماتة المقفّع بأمر من المنصور، وإماتة السهروردي بأمر من صلاح الدين؟ فلهذا معنى أنهما رجلا أدب وفكر، والقتل الشنيع الأول كان بأمرٍ من خليفة عربي ضد رجل ذي أصول فارسية، والثاني بأمرٍ من قائد إسلامي كردي.. وهذا وذاك جزء من التراث والتاريخ والحضارة العربية ـ الإسلامية.
بعض نقّاد العروبة يشيرون إلى أن صلاح الدين لم يكن عربياً، وأن طارق بن زياد كان أمازيغياً. هذا كلام مردود على قائليه، لأنهما كانا جزءاً من التاريخ العربي ـ الإسلامي، فإذا كان بعض قياصرة روما سوريين أو ليبيين، فإنهما جزء من تاريخ الإمبراطورية الرومانية، كما باباوات روما ينسبون إلى تاريخ المسيحية والأميركيون ينسبون إلى الحضارة الأميركية، بغض النظر عن أصولهم، وبعضهم أمر بالقتل وبحرق الكتب، كما تأمر «داعش» اليوم بهذا وكما فعلت النازية أيضاً... ماذا عن حريق مكتبة الإسكندرية بعد فتح مصر!
الآن، ستقرؤون فتاوى عن القتل حرقاً صادرة عن شيوخ يوالون «داعش»، وفتاوى عن مشيخة الأزهر تجيز معاملة أتباعها بالمثل، أي عودة إلى شريعة حمورابي؟
يقول شعار حركة إسلامية معاصرة، فرّخت فرقاً إسلامية جهادية أن «الإسلام دين ودولة». هل هذا صحيح؟ انطلاقاً من التأويل في القول: الدين عند الله الإسلام، لكن أدونيس، وهو أكثر من قرأ التراث، يحاجج بأن الإسلام رسالة وليس دولة، فالرسول الأعظم تحدّث في جميع الأشياء، حتى الخصوصية للإنسان، لكنه لم يتحدث ولا مرّة عن الدولة الإسلامية، سوى اتباعه الهدى «لا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى».
يلاحظ أدونيس، في ندوته بالقاهرة نحو خطاب ديني جديد» (الدورة الـ 46 لمعرض الكتاب العربي) أن المفكرين المسلمين في القرن الثاني للهجرة (الثامن الميلادي) وخاصة في بغداد، طرحوا أفكاراً أكثر جرأة وعمقاً مما يطرح في زمننا هذا!
الإسلام واحد، كما يقول، ولا وجود لإسلام حقيقي وآخر غير حقيقي، بل هناك مسلمون يؤوّلون الإسلام تبعاً لقراءتهم.
كان جمال عبد الناصر، البطل العروبي القومي، قد دعا، بعد هزيمة حزيران 1967، إلى إعادة كتابة التاريخ العربي ـ الإسلامي. اليوم، هناك من يتهمه بأنه لم يكن إسلامياً حقاً؟
الآن، يدعو رئيس مصري آخر، هو السيسي، إلى «ثورة» في الإسلام.
من المؤسف، حقاً، أن نقرأ بعض التعقيبات على ندوة أدونيس، تتهمه بأنه «شعوبي» معادٍ للعروبة تارة، وأنه طوائفي معادٍ لأهل السنّة لأنه علوي، وأنه يدافع عن الدكتاتورية ضد الأصولية، سواء كانت دعوية أو جهادية... وحتى أنه علماني كما لو أنها تهمة.
كأنهم لم يقرؤوا مواضيعه قبل «نكبة» عربية في دول عربية أسهمت في صنع الحضارة البشرية (مصر سورية والعراق) عن «الإبداع والاتباع عند العرب» أو علّة «النقل والعقل» عند المفكّرين القدامى والمحدثين.

سنّة وشيعة
خارج «داحس والغبراء» عن حروب السنّة والشيعة، ثمة ملاحظة، وهي أن إيران تدير سياستها بدهاء وذكاء مع العالم في مشروعها النووي والاستراتيجي خلاف صدام حسين، وأن حزب الله يقتدي بها في النفس الطويل، وحتى «الانقلابيون» الحوثيون اليزيديون ـ الشيعة، يفعلون مثل هذا... بينما لا تجد في السياسة السنّية شيئا يقابل هذا إلاّ في تونس، وليس في «داعش» و»النصرة» و»القاعدة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى قيل «كل إسلام هو الإسلام» حتى قيل «كل إسلام هو الإسلام»



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates