بقلم - سامي الريامي
التعامل مع النقد فن إداري لا يتقنه كثيرون، ولأن هناك من لا يعرف قيمة النقد، ولا أهميته تجده يتعامل مع كل انتقاد لمؤسسته أو الجهة التي يعمل فيها، باعتباره إهانة شخصية تمسّ ذاته وشخصه، وهذا أمر غريب جداً، خصوصاً إذا كنا نتحدث عن جهات خدمية، تقدم خدمات معينة لشرائح كبيرة من الجمهور، وتتعامل مع آلاف الأشخاص بشكل يومي!
لا يوجد عمل كامل، ولا توجد مؤسسة أو شركة من دون أخطاء، وهذا ليس عيباً ولا هو انتقاص من جهد أحد، بل هي حقيقة ثابتة منذ الأزل، ولا يوجد من يدّعي الكمال، وإن وجد فهو حتماً يعاني مرضاً نفسياً واضحاً، لذلك من يتعامل مع النقد بحرقة وخوف وغضب وبشيء من «الشخصنة»، فهو حتماً مملوء بالأخطاء، ومن يتعامل معه باعتباره ملاحظة وإرشاداً لتصحيح الأخطاء بهدف تطوير العمل، فإنه حتماً سينجح في تقليل أخطائه، وسيجني احترام وتقدير جميع المتعاملين، وهُنا تحديداً تكمن أهمية النقد البنّاء، الخالي من أي شوائب شخصية أو أخلاقية، فهو يعني بالضبط إهداء المؤسسة أو الشركة ملاحظات تدفعها إلى الأمام، ولا تنقص من مستواها ولا مكانتها شيئاً!
لاشك في أن هناك أيضاً من يتجاوز حدود النقد البنّاء المسموح به قانوناً، ويدخل في مسار آخر، مسار خاطئ يتعارض مع الأخلاق والقانون، لكننا هنا لا نتحدث عن هؤلاء، ولا نتحدث عن أمور شخصية، بل عن خدمات، وأعتقد أن نقد الخدمة أمر مباح ومسموح بل ومطلوب، والغريب أن هناك بعض المؤسسات تستقدم بيوت الاستشارات والخبرة العالمية من أجل الحصول على ملاحظات حول سير عملها بحجة التطوير، في حين تضيق صدور مسؤوليها بملاحظة يقدمها متعامل من واقع المراجعة الميدانية التي يقوم بها، وهي بالمناسبة أدق وأفضل من ملاحظات بعض الاستشاريين!
المؤسسة الناجحة هي التي تفتح أبوابها على مصراعيها لملاحظات متعامليها، تأخذ بها، ولا تهملها، والمسؤول الناجح هو ذلك الذي يتقبل كل نقد بنّاء ويرحب به، ويسعى فوراً إلى الأخذ به إن كان مفيداً، أو يقدم الشكر والتقدير لصاحبه على أقل تقدير، إن لم يكن صاحب النقد على حق، طالما أن هدف ذلك الشخص تطوير عمل المؤسسة للأفضل، أو لفت انتباه المسؤولين فيها عن نواقص أو أخطاء!
لا مجال اليوم للمكابرة، ولا مجال لإخفاء الحقيقة، ولا مجال لترك الأخطاء الواضحة دون تصحيح، فالمجتمع أصبحت له وسائل وطرق عديدة لإيصال الملاحظات، وبسرعة شديدة، وأصحاب القرار في الدولة لا يرضون أبداً باستمرارية الأخطاء، صحيح هم يعطون فرصاً عديدة، لكنهم يتدخلون دائماً عندما تصل الأخطاء إلى حد غير مقبول، لذلك الاستماع للناس والمراجعين والمتعاملين ضرورة قصوى لكل مؤسسة أو شركة أو مسؤول في الدولة!