بقلم - سامي الريامي
تمثل المشاريع المتوسطة والصغيرة عصب الاقتصاد في معظم الدول، والإمارات ليست استثناء، بل إن هذه الفئة من المشاريع والأعمال ذات أهمية مضاعفة في الإمارات، إذ تشكل قرابة 93% من إجمالي الشركات المُسجلة في السوق، وتتركز فيها النسبة الأكبر من العمالة.
وعلى مدار سنوات مضت، وفرت الدولة بنية تشريعية ولوجستية قوية، ضمنت بها سهولة ممارسة الأعمال، وأمّنت حقوق العمال على مستوى الراتب والمسكن والتأمين الصحي، فأصبح السوق المحلي الوجهة المفضلة للعمل والاستثمار وتأسيس الأعمال، وبالتوازي مع كل ذلك ظل الحصول على التمويل المناسب بشروط ميسرة وسعر معقول، يشكل العقبة الأولى التي تواجه أصحاب هذا القطاع الحيوي.
ولأن الأمر يرتبط بأكثر من جهة اتحادية ومحلية، كان هناك، وعلى مدار أكثر من عقد من الزمان، لجان واجتماعات وقرارات، حاولت إيجاد حلول لهذه المعضلة، ومع ذلك مازالت حصة هذا القطاع من التمويل لا تتجاوز 3% من إجمالي الائتمان، في وقت تبلغ فيه محفظة القروض لدى البنوك أكثر من تريليون و779 مليار درهم، بحسب أحدث بيانات صادرة عن المصرف المركزي.
وبحسب استبيان أجراه المركزي نفسه، كشف أن الوقت المستغرق لفتح حساب بنكي للشركات الصغيرة والمتوسطة قد يصل إلى شهر، كما كشفت نتائج المسح أن العملاء من أصحاب المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، يواجهون تحديات تمويلية تتعلق بصعوبة الحصول على التمويل، وطول فترة الموافقة التي قد تصل إلى شهرين، دون مراعاة أهمية وديناميكية هذا القطاع.
كما بيّن الاستبيان أن كلفة التمويل مرتفعة، وتدور بين 7% و12% رغم أن ظروف السوق والعوائد الحالية لا تتجاوز 4% إلى 5% في النسبة الأكبر من القطاعات، ما يعني أن خدمة الدين تلتهم العائد كاملاً وأكثر، إضافة إلى أن بعض البنوك تفرض فوائد تصل إلى 17% بحجة ارتفاع درجة المخاطر، رغم أن مستويات الفائدة الرئيسة لا تتجاوز 1%.
كل ذلك وغيره الكثير مما تضمنه استبيان المركزي، ومما طالب به أصحاب الأعمال، دفع المركزي مشكوراً لإصدار نظام للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تحت اسم «سلوك السوق»، ورغم أن النظام مهم للغاية، ووضع خارطة طريق عمل للبنوك في التعامل مع هذا القطاع الحيوي، فإن الأمر مازال بحاجة لمزيد من التحديد، والقواعد الصارمة، خصوصاً في ما يتعلق بالرسوم ونسب الفائدة وسرعة إنجاز المعاملات.
هناك تطورات إيجابية لاشك في نظام تسهيل تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الذي دخل حيز التنفيذ اعتباراً من الخميس الماضي، وصار بوسع هذه المشاريع أن تحصل على التمويل والمنتجات والخدمات المالية المقدمة من البنوك بطريقة أفضل، كما صار بوسعها فتح حسابات مصرفية بسرعة، وفي غضون ثلاثة أيام عمل، إلا أن الأمر مازال فضفاضاً في بعض النقاط، والأهم من ذلك لابد من إيجاد آلية واضحة لرقابة تنفيذ النظام من قبل البنوك، حتى لا تعمل بعض البنوك بطريقة تُخرج فيها هذا النظام الجديد من محتواه.