بقلم - سامي الريامي
في القاهرة، وتحديداً في منطقة الجيزة، مررنا بأحد الشوارع مشياً على الأقدام، فإذا بنا نتوقف عند منزل جميل، صحيح أن الزمن قد ترك بصماته عليه، لكنه رغم ذلك كان لافتاً بتصميمه المميز، وكان أشبه بقصر كلاسيكي متوسط الحجم، وسبب توقفنا عند بوابة هذا المنزل، هو وجود لوحة صغيرة ذهبية اللون علقت بجانب الباب، كُتب عليها «هنا عاش أحمد شوقي»، فأدركنا أن هذا المنزل الجميل هو البيت الذي عاش فيه أمير الشعراء أحمد شوقي، فما كان منا إلا أن دخلنا لنتعرف إلى تفاصيله.
بعدها وفي يوم آخر، وبالمصادفة البحتة كنا نمشي على الجهة المقابلة من النيل، وفي منطقة «المنيل»، فإذا بنا نتوقف عند لوحة أخرى شبيهة بالضبط بسابقتها، وعلى مدخل بناية سكنية، كتب عليها «هنا عاشت وردة»!
فكرة مذهلة، بسيطة جداً في تنفيذها، كبيرة جداً في معناها، تقوم على أساس تكريم وتخليد ذكرى المبدعين في شتى المجالات، سواء كانت السياسية، أو الفنية، أو العلمية أو الاقتصادية عبر الأجيال.
مشروع «عاش هُنا»، مشروع إبداعي أطلقه «الجهاز القومي للتنسيق الحضاري» في مصر، وهو عبارة عن لافتة، يوجد عليها تطبيق إلكتروني، يضم معلومات عن كل مبدع، وتعلق اللافتة التى تحمل الاسم والعنوان، على باب منزل الشخصية ليشاهدها كل من يمر بجوار منزله.
المشروع أُطلق في عام 2018، خلّد ووثق 410 شخصيات من رموز مصر في شتى المجالات، لإتاحة الفرصة للأجيال الحالية والمقبلة للتعرف إلى إنجازات هؤلاء الروّاد ليكونوا قدوة لهم، كما وثق الجهاز من خلال هذا المشروع لشهداء من الجيش والشرطة، وأخيراً تمت إضافة أسماء شهداء خط الدفاع الأول من الأطباء والممرضين الذين فقدوا حياتهم، وهم يحاولون إنقاذ المرضى من فيروس «كورونا».
فكرة جديرة بالاهتمام، وبالتطبيق أيضاً، هُنا في الإمارات، فتكريم المبدعين وكل من أبدع في خدمة وطنه، مسؤولية وواجب، وفيه شحذ للهمم وتشجيع الأجيال المقبلة على الإبداع والابتكار، ولدينا أسماء كثيرة جداً في مختلف المجالات تستحق هذا التكريم، وحبذا لو لا يتم اقتصارها على الراحلين فقط، بل تكريم المبدعين وهم أحياء أيضاً، حيث نضع لوحات بأسمائهم ومجالاتهم التي أبدعوا فيها ومعلومات عنهم، على منازلهم.
فتصبح الفكرة «عاش هُنا» في حالة وفاة المبدع، و«يعيش هُنا»، إن كان لايزال حياً!