بقلم - سامي الريامي
غريب جداً ما قام به مقهى أو «كوفي شوب»، يقع في أحد أشهر «مولات» دبي التجارية. والغرابة تكمن في التفاصيل غير الدقيقة، أو على أقل تقدير «المفبركة» التي نشرها المقهى على حسابه في «إنستغرام»، والتي أعتقد أنها تتضمن مخالفات قانونية تستحق التحقيق فيها، واتخاذ إجراء في حق مالك هذا المقهى!
بداية، لابد أن نعرف بأن المقهى صغير جداً، وهو في الغالب إما مقفول الباب، أو خالٍ على عروشه، فهو ليس من المقاهي المعروفة، بل ربما لا يكاد يسمع عنه أحد، رغم شهرة المول وازدحام الناس فيه في كل الأوقات والأيام، ورغم أن «الأكشاك» الصغيرة في ذلك المول تحقق أرباحاً جيدة بسبب شهرة وكثرة رواد المول، ما يشير إلى أن فشل المقهى هو فشل إداري في المقام الأول!
القصة الغريبة بدأت عندما نشر هذا المقهى على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام»، رواية ركيكة، مكتوبة من خلال ترجمة «غوغل»، تفيد بأن المقهى «الشهير جداً، الذي يرتاده المشاهير دائماً»، وهو «المكان المفضل للأمراء»، تعرّض للسرقة والاقتحام في وقت مبكر فجراً، وقام اللص بإحداث فوضى في المكان، لاحظها الموظفون عندما جاؤوا ليباشروا عملهم اليومي. وبعد وصول الشرطة وبدء التحقيقات، اكتشفوا أن السارق لم يكن يطمع في المال، بل سرق جهازَي «تابلت» يتضمنان قائمة الطعام!
كما ذكرت هو مقهى صغير جداً، ربما لا تتجاوز عدد طاولاته أربعاً، تحوّل فجأة في الخبر إلى مقهى للمشاهير، بل والأمراء، وهو عملياً لا يعرفه أحد، والأدهى من ذلك أن يدخل لص إلى مول كبير جداً وشهير جداً، ويتضمن محال لماركات عالمية، تبلغ قيمة محتوياتها ملايين الدولارات، في وقت مبكر من الفجر، ليترك كل البضائع والمنتجات الغالية، ويتجه إلى مقهى صغير جداً، يقع عملياً في منطقة «مواقف السيارات»، ويسرق جهازَي «تابلت» بهما قائمة الطعام، ولا شيء غيرهما، هل يعقل ذلك، «إذا كان المتحدث مجنوناً فالمستمع عاقل»، هكذا يقول المثل الشهير!
المقهى تجاوز مرحلة الكذب، ودخل إلى مرحلة أحلام اليقظة، والفبركة الساذجة، والأكثر من ذلك قام بنشر صور أفراد من شرطة دبي وهم يحققون في مزاعم المقهى بوقوع سرقة، وهو أمر مخالف للقانون، بل إنه ليس من حقه أصلاً أن ينشر تفاصيل أي شيء، مادامت القضية رهن التحقيق، ومادامت هناك جهة رسمية تتولى عملية التحقيق، وهي شرطة دبي، وتالياً هي وحدها المخوّلة النشر وفق ما تراه مناسباً!
نشر خبر كهذا، وبهذه الطريقة، وهذا الشكل، وحتى لو كانت واقعة السرقة صحيحة، لاشك أنه عمل متسرّع، خصوصاً أنه يحمل في طياته الكثير من الإساءة والتشويه. نحن لا ندّعي أبداً أنه لا توجد سرقات في دبي، لكن بالتأكيد أن مستوى الأمن والأمان، وحذر ودقة وكفاءة رجال الشرطة، تجعلنا نثق بأنهم على قدر كافٍ من التأهيل، لمنع جرائم من نوع اقتحام محال تجارية داخل أحد أشهر وأكبر المولات التجارية في المدينة، ومن أجل ماذا، من أجل سرقة «منيو» المقهى، إلا إذا كانت سرقة تافهة ارتكبها هاوٍ، وتم القبض عليه فوراً، لذلك يجب ألّا نترك للبعض فرصة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل سيئ، ونشر أخبار تسيء للمدينة، من أجل أغراض دعائية، أو لفت الأنظار إلى اسم تجاري فاشل، أو أية أسباب أخرى، إنه سلوك مخالف ومجرّم دون شك!