بقلم - سامي الريامي
بحسب آخر إحصاءات نشرتها وزارة المالية، وهي الجهة التي تصبّ فيها كل الأرقام المتعلقة بالمشتريات الحكومية، ونسبها، ومصادرها بشكل مفصل، فإن هناك 186 شركة صغيرة ومتوسطة فقط، مسجلة في سجل المورّدين للحكومة الاتحادية، في حين أن هناك فعلياً آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يديرها شباب وشابات مواطنون ومواطنات، وهم مسجلون لدى صندوق خليفة لتطوير المشاريع، ومؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فما سبب هذا العدد المتواضع يا تُرى؟!
من الواضح جداً أن هناك حالة كبيرة من الإحباط وعدم الثقة تسود أصحاب هذه المشروعات، وتعود هذه الحالة غالباً لشعورهم بأن هناك ممارسات تعيق وصولهم إلى حصة عادلة في المشتريات الحكومية، إذ يتم التعامل معهم في كثير من الأحيان على اعتبار أنهم درجة ثانية، ومنتجاتهم لا تليق بالجهات الحكومية، وهو فعل يتنافى تماماً مع توجه الحكومة بدعم هذه الفئة وجذبها بدلاً من تنفيرها والتضييق عليها!
تقول إحدى المواطنات من أصحاب هذه المشروعات: «الحديث عن شراء حكومي لمنتجاتنا لا يتعدى كونه دعاية للترويج الإعلامي للجهات الحكومية فقط، والحقيقة أن الدعم المقدم لنا يكاد يكون معدوماً»، وتضيف: «وُجهت لي دعوة إلى تقديم خدمات ضيافة (مجانية) لإحدى الجهات الحكومية، وعندما سألتهم عن المقابل، قالوا: (يكفي التعريف باسمي)، وأنا أتساءل هنا: أين الدعم في ذلك؟ وكم كانت هذه الجهة ستدفع لو نظمت حفل استقبال وضيافة في أحد الفنادق، أو استعانت بشركة أجنبية لتنظيم المناسبات؟!».
هناك دور مطلوب من جميع الجهات الحكومية لدعم هذه النوعية من المشروعات، وهو بالمناسبة حق، وليس منّة، لهؤلاء الشباب المخلصين القائمين بأنفسهم على مشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة، حق أقرّه قرار صادر من مجلس الوزراء بتخصيص نسبة معلومة وواضحة من مشتريات الحكومة لهم، وعلى وزارة المالية الدور الأكبر لتنفيذ هذا القرار، فهي تعقد لقاءً دورياً مع المورّدين للجهات الاتحادية، وهنا عليها تقع مسؤولية نشر تقرير مفصل عن مشاركة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكيف يتم دعمهم في هكذا لقاءات.
وفي يوليو الماضي، أعلنت وزارة المالية أنها تعد لإطلاق منصّة للمشتريات الحكومية، تضم كل السلع والخدمات التي تحتاج إليها الجهات الحكومية، ستضم بين 80 و90% من مشتريات الحكومة، وتشارك نحو 36 جهة حكومية رئيسة في مرحلتها الأولى، ومن ضمن أهدافها المعلنة دعم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهل بوسعنا مطالبة المالية بنشر آخر مستجدات المنصّة؟
وهل نطمع أن تقوم الوزارة بنشر ما لديها من أرقام عن واقع التعامل مع هذا القطاع الحيوي للاقتصاد، لتكون كما عهدناها جهة محايدة تهدف للمصلحة العامة فقط، بعيداً عن أي حسابات أو مخاوف من إحراج أحد؟!