بقلم - سامي الريامي
مسبار الأمل الإماراتي يصل إلى مداره في الكوكب الأحمر، ويرسل بنجاح أول إشارة لاسلكية، من أبعد نقطة في الكون يصل إليها العرب، من المريخ، إلى مركز محمد بن راشد للفضاء في منطقة الخوانيج بدبي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وصلت الإشارة من مسبار الأمل بنجاح، ومع وصولها أرسلت رسائل للعالم بأسره، مفادها أن هذه الدولة الفتية بمن فيها، قادة وحكومة وشعباً، لا تعرف أبداً كلمة مستحيل.
إنجاز إماراتي بحجم السماء، شرف ورفعة ومجد، يضاف إلى أمجاد العرب التي ظن العالم للحظة أنها انتهت، لكن الإمارات أثبتت أنها، بفضل إصرار قادتها، وحماس أبنائها، استطاعت إعادة الحضارة العربية والإسلامية إلى مصافّ الدول الفاعلة والمتقدمة، وأثبتت أن المال وحده لا يصنع المعجزات، بل الإدارة الحكيمة والرؤية الواضحة والأهداف الاستراتيجية الصعبة، هي التي تميز الدول في هذا العالم.
الإمارات، بسواعد أبنائها، ستقدم للعالم خدمة عظيمة للعلم والمعرفة، وخدمات قيّمة لمراكز الأبحاث، لم يسبق لأي دولة أخرى أن قدمتها، حيث سيحصل المجتمع العلمي العالمي على معلومات هي الأولى من نوعها في التاريخ، لا تقدر بثمن، فهي واقعياً تفوق 1000 غيغابايت من البيانات الجديدة كلياً، سيستفيد من هذه المعلومات أكثر من 200 مؤسسة علمية، ومراكز أبحاث، من دون مقابل، حيث سيدور المسبار 55 ساعة حول المريخ في رحلة تستمر 687 يوماً، فأي إنجاز علمي هذا الذي حققته دولة عربية إسلامية طموحة وشجاعة!
في أقل من خمسين عاماً، دخلت الإمارات نادي الكبار، وأصبحت عضواً فاعلاً مع نخبة عالمية لا تتجاوز خمس دول فقط، هي الدول الكبرى التي استطاعت أن تغامر وتجازف وتصل إلى المريخ، هي الدولة الخامسة، لكن مسبارها هو الأهم، وهو الأكثر قرباً من الكوكب الأحمر، وما سيرسله من إشارات وبيانات ومعلومات، سيكون غير مسبوق، ولم تصل إليه أي دولة أخرى، ومع ذلك قررت الإمارات أن تكون هذه المعلومات وهذه البيانات متاحة للجميع، ولأي مؤسسة علمية تريد الاستفادة منها، في أي مكان من العالم!
هي دولة الأفعال، دولة اللامستحيل، لا تنشغل بصغائر الأمور، هذه الصغائر تركتها للصغار، وقررت منافسة الكبار، بل الكبار جداً، وضعت هدفها المريخ، ووصلت إليه، وحققت حلماً لم يكن يراود أي عربي في هذا الوقت الصعب.
الوصول إلى المريخ إنجاز ضخم وكبير وعظيم، لكن الأسماء التي كانت وراء ذلك، والتي هيأت لذلك، هي أعظم، أسماء سيخلدها التاريخ، تماماً كما خلد العظماء، أسماء من ذهب، أعادت للعرب كرامتهم وأمجادهم.. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي قدم للبشرية خليفة بن زايد ومحمد بن زايد، حفظهما الله، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، الذي قدم للعالم محمد بن راشد، حفظه الله.