بقلم - سامي الريامي
من حق الدول أن تحمي منتجاتها وصناعاتها الوطنية، ومن حقها أن تقف مع مصانعها الوطنية ضد أية ممارسات ضارة في التجارة الدولية، وأبرز هذه الممارسات هي الزيادة غير المبررة في الواردات من منتج ما، نتيجة إغراق أو دعم، وما يترتب على ذلك من حدوث ضرر مادي بالصناعة المحلية، أو التهديد بحدوثه.
وهذا ما حدث فعلاً من دول مجلس التعاون الخليجي تجاه سلعة مهمة وهي «السيراميك»، فمنذ عامين تقريباً، شكت شركات السيراميك الخليجية ضد منتجات السيراميك الهندي والصيني، وطالبت بفرض رسوم إغراق على هذه المنتجات القادمة من هاتين الدولتين.
وبالفعل وافقت لجنة التعاون الصناعي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على توصية اللجنة الدائمة لمكافحة الممارسات الضارة في التجارة الدولية، بفرض تدابير مكافحة إغراق نهائية على واردات دول مجلس التعاون من منتجات السيراميك والبورسلان ذات المنشأ الصيني، وبنسب تراوح من 23.5% إلى 76%، وقررت فرض تدابير مكافحة إغراق نهائية على واردات دول المجلس من الهند، بنسب تراوح من 17.6% إلى 106%.
بالتأكيد إجراء جيد أسهم في دعم وحماية منتجات السيراميك المحلية، وعمل على توفير منافسة عادلة في السوق المحلية، لكنه في الوقت ذاته أثار مخاوف المستهلكين، الذين زاد قلقهم من استغلال بعض المصانع هذا الإجراء الحمائي في رفع أسعار السيراميك المحلي.
شركات السيراميك الوطنية استبعدت ذلك، وهي تؤكد أن أسعار السيراميك المحلي مستقرة في السوق، ولم تشهد ارتفاعاً «حتى الآن»، كما تردد في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، وقالت: «إن القرار لم يؤثر في أسعار السيراميك الذي تنتجه الشركات الوطنية في السوق المحلية».
بالتأكيد جميع المستهلكين يتمنون أن تلتزم شركات السيراميك الوطنية بعدم رفع الأسعار، وألا تنسى أن هذا الإجراء الحكومي كان لحمايتها، وضمان استمراريتها، وتوفير الأسعار العادلة لها، لذلك عليها هي أيضاً أن تراعي مصالح المستهلكين، ولا ترهقهم بزيادة إضافية، فالسيراميك منتج حيوي، يهم كل إنسان مقبل على البناء، وهو ليس سلعة هامشية، وغالباً رسوم الإغراق عند فرضها على منتج مستورد كنوع من الحمائية، فهي ترفع تلقائياً سعر المنتج المستورد، لكنها أيضاً تعطي فرصة للمنتج المحلي لرفع السعر، إن لم تكن هناك رقابة وضوابط؛لذا فالمرحلة المقبلة مهمة وحساسة، وتحتاج إلى رقابة ومتابعة مستمرة من الجهات الحكومية المعنية، لمنع استغلال هذا الإجراء في رفع الأسعار.