بقلم - سامي الريامي
الفوز بجوائز التميز الحكومي أمر جميل، وهو مصدر فخر واعتزاز وفرحة لكل مشارك يفوز بأيٍّ من فئاتها، سواء على مستوى الموظفين، أو على مستوى فرق العمل والإدارات المختلفة، أو على مستوى الدوائر المحلية، أو الوزارات الاتحادية.
لكن هناك خيط فاصل لابد من الانتباه له، وبشدة، لأنه يفصل بين إيجابية وفائدة جوائز التميز الحكومي في تطوير الخدمات الحكومية والرقي بها، وبين بعض سلبياتها، وهذا الخيط هو معرفة الهدف والوسيلة والتفريق بينهما.
فالفوز بجائزةٍ ما لا يمكن اعتباره هدفاً في حد ذاته، بل هو وسيلة للوصول إلى هدف أكبر وأسمى وأهم، هذا الهدف هو تطوير خدمة المواطن والمقيم، وخدمة المجتمع والوطن، إضافة إلى تطوير العمل الحكومي في المؤسسات والجهات، بما يعكس تقدم وتطور الدولة، وضمان تفوقها في قطاع الخدمات على المستوى العربي والإقليمي والعالمي أيضاً.
لا أحد يختلف على أهمية جائزة التميز الحكومي، ودورها المهم خلال السنوات الماضية في إحداث نقلة نوعية في مفهوم التميز وخدمة العملاء والسعي وراء كسب رضاهم، وتوفير بيئة عمل داخلية محفزة على الإنتاج، لضمان راحة الموظفين وزيادة عطائهم، كما لا ينكر أحد دورها في خلق إبداعات وابتكارات كثيرة تعزز العمل الحكومي، وتعمل على تسهيل تقديم الخدمات بشكل بارز وملحوظ.
ولكن لضمان استمرارية جوائز التميز في دعم هذا الهدف الأسمى، علينا الآن أن نعيد صياغتها بحيث لا تنحرف عن هذا المسار، وتذهب إلى مسار آخر، وهو مسار استعراضي، فيه كثير من الصرف المبالغ فيه على شركات استشارية وبيوت خبرة، وعلى أمور شكلية تعمل على خلق نماذج أعمال خاصة فقط للمشاركة في الجائزة، تتناسب مع آلية التحكيم النظرية والورقية، وقد لا تتناسب إطلاقاً مع الواقع الميداني!
وبذلك تحول الهدف الأساس والرئيس إلى هدف الفوز بالجائزة فقط، وبغض النظر عن انعكاس هذا الفوز على تطوير العمل بشكل فعلي، أو تقديم خدمة حقيقية سهلة ومميزة للمتعاملين، أو مراعاة رضا الموظفين وضمان زيادة إنتاجيتهم بالحوافز والتشجيع!
لابد من معادلة دقيقة تضبط ذلك كله، وتضبط الجهد والوقت والميزانيات وتكلفة الموظفين المتفرغين لتقديم ملفات الجائزة، إضافة إلى تأثيرهم على تكلفة ساعات عمل بقية الموظفين بإشغالهم في ملفات التقديم.
لابد من آلية جديدة تمكننا في نهاية الأمر من قياس مدى وأثر وتناسب التكلفة النهائية للمشاركة في الجوائز مع معطيات الأوضاع الحالية، والتحقق من مدى انعكاس الفوز بالجائزة على تطوير العمل الفعلي الميداني، والأهم من ذلك التحقق من أن المشاركة في الجائزة تعبر عن عمل دؤوب ونجاح ميداني على الأرض ساهم في تطوير الخدمات وإفادة المتعاملين، ولم يكن مجرد ملف تعريفي نظري مكتوب بعناية فائقة فقط لطمأنة لجان التحكيم واستيفاء شروط المشاركة، وتالياً الفوز!