بقلم - سامي الريامي
غريب جداً ما يقوم به البعض من تصرفات وسلوكيات غير مقبولة، وغريب أيضاً أن يمنح شخص، غير مسؤول، نفسه الحق في التشكيك في أرقام رسمية صادرة من جهة حكومية اتحادية، بل ويضع بكل ثقة أرقاماً من عنده يزعم أنها «حقيقية»، حول أعداد المصابين بالفيروس، ولا أحد يعلم من أين حصل عليها، وما هي مصادره، ومن أين حصل على هذه الثقة كلها في الإعلان عنها!
جميل أن يخاف المواطن على نفسه ومجتمعه، وجميل لو قدم كل إنسان النصح لأهله وأصدقائه بضرورة اتباع الإجراءات الحكومية، والتزم بها وحث الجميع على ذلك، لكن ليس لأحد الحق في التشكيك في جهود الدولة، والضرب في صدقيتها بحجة الخوف والقلق، ومهما كان قلق أي شخص منّا فإنه لا يوازي 10% من خوف وقلق الحكومة على مواطنيها وجميع من يسكن على أرض الدولة.
مؤسف جداً ما قاله ذلك الشخص في مقطع صوتي انتشر بشدة على تطبيق «واتس أب»، وبالتأكيد فإن انتشار المقطع أدى تلقائياً إلى انتشار الخوف، بل ربما الفزع لدى كثيرين، وتسبب في إرباك مؤسسات وجهات حكومية، وأضر بجهود فرق عمل كثيرة، ولا أحد يعرف من هو المستفيد من هذا السلوك السلبي!
فيروس كورونا عاود الانتشار بشكل غير مسبوق، وهذا أمر لا يمكن لأحد أن يخفيه، والأرقام المعلنة تثبت ذلك، فهي في تصاعد واضح، وهي تصدر من جهة حكومية اتحادية هي وزارة الصحة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نشكك فيها، وفي ضوء تزايد الأرقام وأعداد المصابين كان لابد من اتخاذ إجراءات فعالة، جزء منها ضروري وجزء استباقي واحترازي، كإجراء وقف العمليات غير الطارئة في مستشفيات دبي، وتقليل أعداد حضور الأعراس والمناسبات، وزيادة التشديد في مخالفة المطاعم والفنادق التي لا تلتزم بالإجراءات الاحترازية، إضافة إلى كثير من الإجراءات التي تتخذها الجهات الحكومية لمكافحة انتشار الفيروس، وتالياً من المعيب حقاً إطلاق كلمة «تسيّب» كما ادعى صاحب التسجيل الصوتي، ففيها كثير من الظلم لعمل فرق تواصل العمل ليل نهار لضمان صحة وسلامة المجتمع!
هناك أسباب كثيرة وراء انتشار الفيروس، لكن ووفقاً لمؤشرات واضحة، فإن أهم هذه الأسباب عودة الاستهتار لدى مختلف فئات وشرائح المجتمع، لا نقصد فئة معينة ولا جنسية معينة، فالمخالفات تحدث من الجميع، وكثيرون عادوا لممارسة سلوكيات خاطئة، وكثيرون جداً يتهاونون في اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، بل وكأنهم تناسوا كافة التعليمات والقرارات الحكومية المتعلقة بمكافحة انتشار فيروس كورونا، وأصبح جزء كبير جداً من المجتمع يمارس حياته الطبيعية من تجمع ومصافحة بالأيدي، ويسلك سلوكيات تساعد على انتشار الفيروس، بل ربما تولدت لدى بعضهم قناعة بأن الفيروس غير موجود، ولم يعد إعلان الأرقام بشكل يومي يعني لهم شيئاً، ولذلك كان لابد من إعادة التشديد على الإجراءات، وكان لابد من التحرك الحكومي لوقف هذه السلوكيات، أفلا تستحق هذه الجهات التقدير والثناء بدلاً من التشكيك فيها ونسف جهودها؟!