بقلم - سامي الريامي
«التوحّد» هو اضطراب صعب يتعرّض له الأطفال وهم في بداية أعمارهم، ويُعدّ أحد أكثر الاضطرابات النمائية شيوعاً، ويظهر تحديداً خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، والمشكلة الكبرى تكمن في كونه يبقى مصاحباً للطفل المصاب به، طوال مراحل حياته.
يؤثر التوحّد في قدرات الفرد التواصلية والاجتماعية، ما يؤدي إلى عزله عن المحيطين به، والغريب أنه اضطراب ينتشر بسرعة غريبة، لم تُعرف أسبابها، وتصاعد نمو هذا الاضطراب أمر لافت للنظر، فجميع الدراسات تقدّر نسبة المصابين به، اعتماداً على إحصاءات مركز التحكم بالأمراض في الولايات المتحدة الأميركية، بوجود إصابة واحدة لكل 54 حالة، كما يلاحظ أن نسبة الانتشار متقاربة في معظم دول العالم!
الطفل المصاب بالتوحد يعاني بشدة، ليس هو فقط، بل جميع أفراد أسرته، لذا فلا مجال لأن تواجه أي أسرة هذا الاضطراب بشكل منفرد، لن تستطيع مواجهته، ولن تستطيع حصر معاناة الطفل المصاب بالتوحد في منزل أو مركز، بل تحتاج إلى تضافر جهود المجتمع بأسره، إذ لابد من نشر التوعية بأعراض وأسباب هذا الاضطراب، وكيفية التعامل مع الأطفال المصابين به، فالطفل المصاب بالتوحد يبتعد عن اللعب مع الأطفال بشكل ملاحظ، ولا يمتلك القدرة على التواصل البصري بشكل سريع، كما يعاني التأخر في الكلام عن غيره من الأطفال، ويقوم بنطق الكلمات بشكل متكرر عند التحدّث، وأحياناً يصاب الطفل بنوبات شديدة من الغضب، ويؤدي بعض الحركات غير المفهومة، والتي من الممكن أن تسبب أذى للطفل، مثل خبط الرأس، كما يعاني الإصابة بحساسية مفرطة للضوء والصوت وحساسية اللمس، وقد يصاب الطفل بالعدوانية تجاه الأطفال الآخرين، وإذا لم يتفهم المجتمع ذلك، فزيادة هذه الأعراض وتفاقمها أمر محتمل عند طفل التوحد!
هناك أذى نفسي كبير تعانيه أسر الأطفال المصابين بالتوحد، كما أن هناك متاعب مادية أيضاً تواجههم، فكلفة تعليم وتدريب ومتابعة طفل مصاب بالتوحد، ليست قليلة، ومعظم الأسر لا تستطيع تحمّل نفقات إلحاق الأطفال بالمراكز، لذلك فمثل هذه الأسر تحتاج إلى دعم نفسي من كل فئات المجتمع، وتحتاج إلى دعم مالي حكومي لتسهيل إلحاق أطفالهم المصابين في المراكز المختصة، إنه ليس أمراً كمالياً بالنسبة لهم، بل حاجة أساسية وضرورية، لابد من مراعاتها والتفكير الجاد في كيفية إيجاد الوسيلة المناسبة لدعم هؤلاء، فهم حقاً يستحقون الدعم!