ملحمة شعرية لا تشبهها قصيدة

ملحمة شعرية لا تشبهها قصيدة..

ملحمة شعرية لا تشبهها قصيدة..

 صوت الإمارات -

ملحمة شعرية لا تشبهها قصيدة

بقلم : سامي الريامي

اشتهر بعض شعراء العرب القدامى المبدعين بقصائد «حولية»، والحـَولُ هنا بمعنى السنة، وأشهر من عُرف بهذا النوع من القصائد، هو الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى، حيث كان يقضي عاماً كاملاً في نظم كل قصيدة ليخرجها إلى الناس بعد أن يكملها من كل نقص، ويهذّب عباراتها، فتخرج قصائده جزلة، واضحة المعنى، قوية المبنى، سهلة الفهم.

وهكذا هو شاعرنا الحديث المبدع المجدّد في الشعر بأسلوبه ومفرداته وبنيته، سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم.

أتحدث هنا عن شخصية وإبداع شاعر عصري بعيداً عن أي مجاملات أو مبالغات أو مناصب، وأُشير تحديداً إلى رائعته الشعرية «خمسين عام.. قبل وبعد»، التي تعدّ إحدى قصائده الحولية، وهي بحق ملحمة شعرية في غاية الروعة، حيث لا يمكن اعتبارها قصيدة، هي أكبر وأروع من ذلك، فقد جاءت بعد مرور عام بالضبط على بداية الاحتفال بذكرى مرور 50 عاماً على الخدمة الحكومية المتواصلة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، التي حقق من خلالها نقلة نوعية في خدمة الوطن والمجتمع والشعب، وهذه الإنجازات الضخمة لا يمكن أن تصفها قصيدة عادية تُكتب في يوم أو يومين، وهذا ما شغل بال وتفكير واهتمام حمدان بن محمد طوال الشهور الماضية، فالشخصيات العظيمة لا توفيها حقها سوى القصائد العظيمة، قصائد تلامس القلوب، وتخلد في الذاكرة، وتبقى صامدة، طال الزمن أو قصر، وهذا ما كان حيث خرجت لنا هذه الملحمة الشعرية ذات المفردات الجزلة، والتركيبة الشعرية المميزة، وذات الجماليات المتفرّدة والمتنوّعة، والمعاني الغزيرة.

ما يميّز شعر حمدان بن محمد، أنه متفرّد في شكله وأسلوبه، لا تشبهه القصائد، ولا يتشبه بقصائد، أبياته جزلة، لكنها واضحة لا لبس ولا غموض فيها، والأهم من هذا كله أنه لا يتصنّع ولا يتكلّف في كلماته المنتقاة بفن وحرفية عالية، لذلك فقصائده تدخل القلب دون استئذان، ولها وقع موسيقي مذهل على الأذن، وتجعل عقل المتلقي يسرح في معانيها، ويعيش في تفاصيلها، ولا يستطيع بأي شكل من الأشكال أن ينشغل بشيء آخر عن إتمام سماعها لآخر كلمة، بل إنه يظل ينتظر لبرهة من الزمن بعد انتهاء القصيدة، آملاً ألا يتوقف الشيخ حمدان عن الإلقاء، فالأذن لم تمتلئ، بل مازالت ترغب في المزيد.

يُدهشك حمدان بن محمد في مزجه الكلمات والتلاعب بمفرداتها بكل سهولة، سهولتها تثير العجب والإعجاب، ويُدهشك أيضاً في تسلسله الشيّق، وتمكنه من ضبط مسيرة القصة في القصيدة، وكأنه يروي رواية تاريخية محكيّة في نص شعري مقفى وموزون، استطاع أن يلخص فيها ما حدث من إعجاز وإنجاز في هذا الجزء من العالم، هذا الإعجاز الذي تحوّلت فيه بقعة صحراوية لا حرث ولا زرع فيها، إلى واحدة من أنجح وأرقى وأجمل وأحدث بلاد العالم، وتحدث فيها عن بطولات وحكمة قادة تاريخيين واستثنائيين كانوا بفضل من الله روّاد هذا الإنجاز، وسبباً مباشراً لتطور ورفعة هذه الدولة.

 
وما يُدهشك في شعر حمدان بن محمد قدرته الفائقة على كسر بعض المُسلّمات الشعرية التقليدية بأسلوب حديث، وبشكل متطور وغير مُضر بتركيبة القصيدة، وهذا ما ظهر بشكل واضح وجليّ في تكراره كلمة «هُنا هُنا» 24 مرة في بيتين متتاليين، دون أن يكسر الوزن، أو يخل بالمعنى ولا بالقافية، هذا ما لم يسبقه إليه أحد من الشعراء، وهذا إبداع جديد لم تعهده القصيدة النبطية، خصوصاً أن تكرار الكلمات يعتبره شعراء النبط أمراً يُضعف القصيدة، إلى أن جاء حمدان ليثبت العكس تماماً، بل حوّله إلى نقطة قوة وجذب، خصوصاً مع اقترانه بإلقاء قوي تهتز لسماعه الأبدان.

«خمسين عام» ليست قصيدة، بل هي فنٌ شعري حديث قابل للتدريس، وهي نوع جديد متفرد من أدب الفخر والوصف وأدب الحوار، وهي تركيبة جديدة في الشعر النبطي أبدع فيها سموّ الشيخ حمدان بن محمد، لتكون خاتمة الاحتفالات بإبداع رجل لا توفيه الكلمات حقه.. عمل بإخلاص وحبّ وتفانٍ لخدمة وطنه وشعبه.. وأبدع حمدان بن محمد في مدح رجال كان لهم الفضل بعد الله في كل ما وصلت إليه دولة الإمارات.. ولهم الفضل في الخير والأمن والأمان والاستقرار الذي نعيش فيه جميعاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملحمة شعرية لا تشبهها قصيدة ملحمة شعرية لا تشبهها قصيدة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا

GMT 20:43 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تقدم الدعم الفني لجيبوتى لتأسيس أول معهد للفنون الشعبية

GMT 00:02 2020 الخميس ,21 أيار / مايو

ميسي ينعى فيلانوفا في ذكرى رحيله

GMT 04:12 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد تناول كوب نعناع في اليوم

GMT 18:59 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

سجون تحولت إلى فنادق فاخرة كانت تضمّ أخطر المجرمين في العالم

GMT 00:57 2019 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

روستوف أون دون مدينة السحر والجمال و تقع في جنوب روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates