بقلم - سامي الريامي
في عام 2019، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، وقداسة البابا فرانسيس، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، إطلاق الإمارات «جائزة الأخوة الإنسانية - من دار زايد».
فما هذه الجائزة؟ وما الهدف منها؟ ولماذا اهتمت بها الإمارات بشكل كبير؟
الجائزة باختصار هي أحوج ما يريده العالم في هذا الوقت العصيب، فهي تمنح لشخصيات ومؤسسات عالمية، بذلت جهوداً صادقة في تقريب الناس إلى بعضهم بعضاً، وتهدف إلى الاحتفاء بالأشخاص أو المؤسسات، الذين يعملون على ترسيخ السلام والعيش المشترك، وبناء جسور التواصل الثقافي والإنساني، وتهدف كذلك إلى الاحتفاء بكل من يطرح مبادرات عملية ناجحة ومؤثرة للتقريب بين المجتمعات على المدى الطويل، وهذه القيم هي المنصوص عليها في «وثيقة الأخوة الإنسانية»، التي وُقعت في أبوظبي، والتي تسعى إلى مواصلة البناء على الإرث الإنساني الزاخر للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
نعم هذا هو إرث زايد، الذي كان محباً للحياة والإنسان، فكرس حياته لضمان راحة ورخاء الإنسان أينما كان، دون تمييز إطلاقاً، لم يعمل فقط لشعبه، بل نشر الخير والمحبة والسلام في جميع أنحاء العالم.
لذلك اختيار الفائزين بهذه الجائزة يتم وفق معايير دقيقة ومهمة، وهي تمنح فعلاً لمستحقيها، دون أي اعتبارات هامشية غير اهتمامهم بنشر السلام والمحبة والتقارب بين الشعوب، لذلك فقد ذهبت هذا العام إلى غوتيريس الذي شرع، منذ توليه مهام منصبه كأمين عام للأمم المتحدة في عام 2017، في العمل على إيجاد حلول للمشكلات التي يعانيها العالم، خصوصاً في ما يتعلق بالسلم والأمن العالميين، بالإضافة إلى مبادرته الأهم والأكثر تأثيراً خلال العام الماضي، والتي جاءت تحت عنوان: «حظر الحروب في سبيل مكافحة جائحة كورونا»، والتي حظيت باستجابة واسعة وثناء قادة العالم، ومن بينهم بابا الفاتيكان، والرئيس الفرنسي، وعدد من المنظمات الدولية، وغير ذلك من المبادرات الإنسانية التي أطلقها، وحرص على التركيز على الجوانب الإنسانية في جميع أعمال ومبادرات الأمم المتحدة.
وفازت بها كذلك لطيفة بن زياتين، التي تعتبر واحدة من أكثر الشخصيات النشطة والمؤثرة في مجال مكافحة التشدد والتطرف، حيث كرست حياتها لرفع الوعي تجاه التعصب الديني، وذلك في أعقاب مأساة فقدان ابنها عماد في هجوم إرهابي عام 2012، ومنذ ذلك الحين أضحت لطيفة ناشطة حقوق مدنية معروفة في فرنسا وخارجها، حيث تعمل مع العائلات والمجتمعات لحماية الشباب من الوقوع في فخ التطرف، والعمل على نشر السلام وثقافة الحوار والاحترام المتبادل.
جائزة عالمية مهمة، حظيت باهتمام وتقدير العالم بأسره، حيث يتزامن تاريخ حفل توزيع هذه الجائزة الدولية المستقلة مع «اليوم العالمي للأخوة الإنسانية» في نسخته الأولى، هذا اليوم الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بإجماع كل الدول الأعضاء، في ديسمبر من العام الماضي، ليوافق ذكرى تاريخ توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، في يوم 4 فبراير من كل عام.
وبذلك تسير الإمارات بخطى ثابتة نحو منهجها القديم المتجدد دائماً، منهج غرس المحبة والسلام بين شعوب العالم، ومنهج التعايش ونبذ العنف والإرهاب والطائفية البائسة، وبالتأكيد سيلمس العالم أهمية ودور هذه الجائزة في دعم وتشجيع وتقدير كل من يحب وينشر الخير في العالم!