لبنان ما يميّز يومنا عن فترة 1998  2005

لبنان: ما يميّز يومنا عن فترة 1998 - 2005

لبنان: ما يميّز يومنا عن فترة 1998 - 2005

 صوت الإمارات -

لبنان ما يميّز يومنا عن فترة 1998  2005

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

ما إن بدأت تتسرّب المعلومات عن الوزراء الجدد في حكومة حسّان دياب، حتّى كتبت صديقة فيسبوكيّة تعليقاً صيغَ على شكل سؤال ساخر: «عيب نطالب برجعة الحكومة السابقة؟». ما زاد في مرارة السؤال أنّ الحكومة السابقة تلك هي التي أسقطتها الثورة، وكان ذلك إنجازها الأوّل الكبير. إنّها حكومة غير قابلة لـ«الرجعة» أو للمطالبة بها.

هذا لا يعني بالطبع أنّنا محكومون حصراً بهذين الاحتمالين الرديئين، لكنّه يقول إنّ التركيبة السياسيّة الراهنة لم تعد تتيح ما هو أفضل. لقد فرغت جعبتها تماماً. مع هذا، فالحكومة الحاليّة، التي تُطرح أداة للخلاص الوطنيّ، تبقى أسوأ الأسوأ.
فيما يلي قائمة بالأوصاف المنسوبة إلى بعض الوزراء الجدد: سرقة أملاك بحريّة، سرقة آثار، تمثيل وازن للقطاع المصرفي إيّاه، تهريب مازوت، ضعف في الكفاءات واستخدام لما هو متوافر منها خارج اختصاصه... الإيجابيّة الوحيدة المتمثّلة في توزير ستّ نساء حوّلتها مواصفات النساء الوزيرات إلى رصيد سالب، لا بحقّ الحكومة فحسب، بل أيضاً بحقّ المطلب العظيم نفسه.
سياسيّاً، أهمّ من كلّ ما عداه أنّها «حكومة قوى 8 آذار». لقد وُصفت بأنّها «حكومة حزب الله» والشكل السياسي الذي اختاره ردّاً على مقتل قاسم سليماني. تردّد أيضاً أنّ مهندسَيْها التنفيذيين الفعليين هما وزير الخارجيّة السابق جبران باسيل والنائب والمدير العامّ السابق للأمن العامّ جميل السيّد. محمد فهمي وزير الداخليّة الجديد مقرّب جدّاً من الأخير. إنّها، إذاً، وكما استنتج كثيرون، تشبه الحكومات التي كانت تؤلّف ضدّ رفيق الحريري في عهد إميل لحّود...
قبل هذا كان اللافت أنّ قوى 8 آذار لم تتوصّل بسهولة إلى تشكيل هذه الحكومة التي هي حكومتها. لقد استغرقها صراع معقّد ومتشعّب حول الحصص والتحاصص الذي شكّل رفضه أحد بنود الثورة.
هنا نقع على فارق أساسي بين فترة 1998 - 2005 وأيّامنا هذه: إنّه ضعف القبضة القياديّة التي تلجم تناقضات الأتباع الصغار ومطامحهم. هذا الضعف وسّع «الفوارق الصغرى» وحصصها وأعطاها ما لم يكن لها في الزمن السابق.
هذه قائمة ببعض تلك التغيّرات:
أوّلاً، كانت القيادة العليا لـ«محور المقاومة» في طهران قويّة وغنيّة حينذاك. هذه ليست الحال الآن. وثانياً، يمكن قول الشيء نفسه عن القيادة العليا الثانية في دمشق، والتي كانت قبل 2005 تقيم مباشرة في بيروت، أمّا اليوم فتستنجد بقوى إقليميّة ودوليّة لا حصر لها لإنهاء حربها التي لم تنتهِ بعد. وثالثاً، كانت القيادتان المذكورتان على درجة من الوفاق مع القوى الإقليميّة الأخرى، وكان الوفاق النسبي يوفّر إقراراً بنفوذهما. هذا انقلب إلى عكسه، فبات إخراج النفوذ الإيراني من لبنان (والعراق) مطلباً عريض القاعدة. ورابعاً، لا يزال «حزب الله» قويّاً جدّاً، لكنّه بات أفقر مادّيّاً مما كان، فضلاً عن أنّ لياقته البدنيّة في مواجهة صريحة مع بعض طائفته، ومع شعبه، أضعف منها في مواجهات أخرى، وأشدّ تسبباً بارتباكه. وخامساً، حتّى الموقع الرئاسي ليس هو نفسه: إبّان رئاسة إميل لحّود، الذي افتقر إلى أدنى الشعبيّة في طائفته وشعبه، كان التفويض والمبايعة للشقيق الأكبر كاملين ومطلقين، وكانت ثقة الشقيق الأكبر به كاملة ومطلقة أيضاً. إنّه «في الجيب». مع ميشال عون، لا يزال التفويض والمبايعة ساريين بالطبع إلاّ أنّ الثقة بعون أقلّ مما كانت بسلفه. إنّه، بسبب قاعدته، كما بسبب تكوينه وماضيه السياسيين، مشكوك باستمرار ولائه فيما لو توافرت ظروف مناسبة لـ«التكويع». صحيح أنّ هذه فرضيّة نظريّة حتّى إشعار آخر، إلاّ أنّ «محور المقاومة» لا يأنس كثيراً لفرضيّات كهذه. وأخيراً، نصل إلى رئاسة الحكومة: مع عمر كرامي وسليم الحصّ هناك غطاء تقليدي ما. هناك أيضاً نزاهة الحصّ المسلّم بها. مع حسّان دياب هناك ما يشبه عمليّة الاختراع من صفر. سوف يكون واجب الحلفاء الدائم أن يتصدّقوا عليه بمعانٍ وصفات لا يملكون منها الكثير.
على العموم، فإنّ قوى 8 آذار ستحكم لبنان اليوم وهي في حالة من التهافت. الثورة الشعبيّة ومطالبها ستضاعف شعورهم بالعجز. ما يُسمّى «المجتمع الدوليّ» سيفعل، عبر صدّهم المتوقّع، الشيء نفسه. النتائج الماليّة والاقتصاديّة المرجّحة ستكون كارثيّة.
إذاً نحن أمام تعفّن 8 آذار في السلطة الذي يقابل تعفّن 14 آذار في المعارضة. «برنامج» هذا التعفّن هو التخبّط في المكان نفسه مصحوباً بتعاظم في القمع الذي يُستعاض به عن بؤس السياسة.
فترة 1998 - 2005 انتهت بجريمة كبرى ترتّب عليها انقسام كبير. اليوم، لا يُستبعَد ظهور مَن يستلهم كوريا الشماليّة أفقاً لنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان ما يميّز يومنا عن فترة 1998  2005 لبنان ما يميّز يومنا عن فترة 1998  2005



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates