علي العمودي
في مواقع عديدة تحولت أقسام الموارد البشرية إلى عائق حقيقي لدورة العمل، بعد أن تضخمت كالوباء، وتحولت لبرزة مفتوحة على مدار اليوم والحول لأنشطة يتربح منها خبراء”الغفلة” ممن يطلون باستبياناتهم الغريبة العجيبة، التي تبدأ من الحالة العصبية والمزاجية للموظف إلى الاطمئنان على القطط المنزلية وفصائلها.
يأتيك الخبير ذو الشنطة اللامعة والشعر الأكثر لمعاناً، وبرفقته مساعدة ذات مسمى رنان، لإقناع المسؤول بأن الأداء مختل، وبحاجة لإعادة تخطيط”استراتيجي”. ربما يتطور ويتطلب ورشة عمل في فندق خمس نجوم، هذا إذا ما وسعت العملية. وطلبوا مؤتمراً إقليمياً لاستعراض”الأوراق البحثية” الخاصة بحالة العمل والأداء في المرفق المعني.
الأقسام التي تحولت لأي شيء غير الموارد البشرية، عرفناها في الزمن الأول، مجرد «كراني» ومعه مساعد وفراش يحضر القهوة والملفات!!. اليوم تغير الحال، وباتت حشداً من الموظفين والموظفات الكل يبحث عن دور على حساب القطاعات المنتجة التي تراجعت لانشغالها في تلبية استبيانات الحشد المستمد من «خبراء الغفلة» ممن تزدهر أعمالهم وخبراتهم في مثل هذه البيئات مختلة التوازن.
تستغرب أن أجهزة ومؤسسات ذات باع وخبرات طويلة، ما زالت تنطلي عليها حيل خبراء «على الطاير» يهلون عليها من كل حدب ومعين ومنهل. رغم أن قاعدة الأداء بسيطة والمعادلة لا تحتاج لحملة” د. نقطة”، فكلما كثر المنظرون ممن لهم صلة بكل شيء إلا “الموارد البشرية” المنتجة اختلت المعادلة، وظهر العجز والخلل جلياً في أي مرفق يعاني تخمة في الإداريين على حساب الفنيين العاملين.
بعض مسؤولي تلك المرافق يقر ويعترف بالتضخم، وبدلاً من معالجة الوضع يبحر معك في لجج وحجج التنظير، ليرمي بتبريراته على مخرجات التعليم، وطوابير خريجي الكليات النظرية. وقبل أن يستضيف ورشة عمل أو جلسة عصف ذهني، تعصف التغييرات والمتغيرات بالمكان، فيبدأ المرفق رحلته من جديد بحثاً عن هويته، وما هو مطلوب منه الوصول للربحية أو البقاء في حالة السكون عالة على الموازنة العامة.
وتستمر الحالة التي أصبحت عليها العديد من المؤسسات والهيئات العامة رغم برامج الهيكلة وإعادة الهيكلة والضحية دائماً مسار العمل والصالح العام. والغريب أن المستشارين لم يتقدموا حتى الآن بمشروع لخصخصة الموارد البشرية، فلربما ينصلح الحال، والله أعلم!!