علي العمودي
تشهد فرنسا، التي يعد الإسلام فيها ثاني أكبر الأديان، جدلاً واسعاً بعد إقصاء حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف أحد قياديه، ويدعى ماكسونس بوتي، إثر اعتناقه الإسلام.
ليس ذلك فحسب بل واتهمته بالدعوة للدين الإسلامي، ومحاولة نشره بين أصدقائه ومعارفه، بينما قال النائب الشاب إنه كان يشرح لهم مبررات إقدامه على هذه الخطوة عندما أسلم صيف العام الفائت. وكتب على صفحته أن «الإسلام ليس دعوة للقتل والحروب»، وإنما دين كتابه يحوي «معجزات علمية»، كما ذكر في صفحته على «الفيسبوك».
«الإسلام فوبيا» في أوروبا وأميركا تصاعدت حدة مظاهرها بشكل كبير مؤخراً، وما زال المسلمون يلتقطون أنفاسهم من تداعيات إرهاب 11 سبتمبر بعد أن عانوا ما عانوه.
وما أن بدأت تتضح الحقائق والصورة الصحيحة عن دين الحق في تلك المجتمعات، حتى جاء «تتار العصر» من «داعش»، وغيرها من منظمات الإسلام السياسي الإرهابية، لتقلب المشهد رأساً على عقب، بمشاهد جز الرؤوس، ونهش الأكباد، وسبي النساء.
وتجددت في مطارات أوروبا وأميركا نظرات وممارسات الاشتباه بحق المسافرين العرب والمسلمين من قبل الذين لا يفرقون بينهم وبين «الدواعش».
ممارسات لا يدفع ثمنها سوى الإنسان البريء الذي لا صلة له من قريب أو بعيد بما يجري، كل ذنبه أن مظهره عربي أو أن اسمه محمد مثلاً.
حدثني صديق عائد من رحلة علاج في ألمانيا مع عائلته كيف تغيرت بمقدار 180 درجة معاملة جيرانه، وفي الأسواق، لزوجته لكونها محجبة. بل لم يكن يسمح لها في بعض المطاعم الدخول مع عربة طفلها، والنظرات تحاصرها ظناً بأن العربة قد تكون «مفخخة».
هذه صورة الإسلام والعرب في تلك المجتمعات التي يفترض بدولها الصديقة أن تبذل جهداً لتعريف الرأي العام لديها بأن هناك مسلمين، وهناك «دواعش». وهناك دول عربية وإسلامية تقف معهم في الخندق نفسه في الحرب على الإرهاب الذي تمثله اليوم «داعش»، وغيرها من شراذم الإرهاب المنتشرة هنا وهناك.
الحرب على الإرهاب طويلة، وعلى أكثر من جبهة، ولعل التعريف بالصورة الحقيقية لدين الحق في المجتمعات الأجنبية جزء منها لمنع أي متطرف من الإساءة إليه أو المتاجرة به، وعلى تلك الدول الصديقة وإعلامها المساعدة في أداء هذه الرسالة السامية.