بقلم : علي العمودي
تمضي فعاليات وبرامج «عام القراءة» وفق ما حملت التوجيهات السامية لقائد المسيرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بجعل الكتاب صديقاً. وننهل من بطون الكتب علماً ومعرفة ودروساً ننتفع بها وتضيء لنا الطريق، فبنور المعرفة تتبدد ظلمات الجهل بالأشياء. فالمناسبة التي تمتد على أيام وشهور العام، هي تأصيل وتوطيد للعلاقة بالعلم والمعرفة، والاستفادة مما تحمل الكتب من أفكار وإبداعات هي عصارة فكر وتجارب أصحابها.
ومن مكتبتي الصغيرة، يحلو لي دوماً العودة لكتاب «حياة في الإدارة» للشاعر والوزير والسفير والمبدع السعودي الراحل غازي القصيبي، رحمه الله. الكتاب الذي بين يدي، يعد الطبعة الرابعة عشرة منه، وقد كان ذلك في عام 2010.
أما سر التعلق بهذا الكتاب تحديداً، فلما يحمل بين دفتيه من تجربة ثرية للرجل الذي كان يقول عنه نقاده إن قصيدة أقالته عن منصبه وأخرى أعادته له. وحتى هو شخصياً يعرض في مؤلفه قصة القصيدتين من منظوره، وكذلك ما يحمل من دروس للمسؤول حول التعامل مع المسؤولية العامة، خاصة عندما تكون في مرفق خدمي على صلة بمختلف شرائح المجتمع، وعلى اختلاف مستوياتهم التعليمية. ومن القصيبي، تعرف ماذا يعني أن يترك الناجح في كل مكان عدواً له بل جيشاً من الأعداء الفاشلين، عندما يتعامل بواقعية ومسؤولية مع التحديات التي تواجهه هنا أو هناك.
أما أكثر الأمور التي توقفت أمامها في كتاب القصيبي، تناوله الإعلام وخطورته على المسؤول، عندما تحول القصيبي، كما قال في مؤلفه، إلى نجم إعلامي من فرط ظهوره وتصريحاته وتغطيات الصحف لتحركاته، لدرجة أن الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وقد كان حينها ولياً للعهد، قال له وبصراحته المعهودة «لا أرى في الجرائد شيئاً غير أخبارك»، ما دفع الوزير إلى كتابة رسالة شخصية إلى كل رؤساء الصحف، شارحاً لهم ما تسبب اهتمامهم بأخباره من حرج له، طالباً منهم الاكتفاء بالبيانات الرسمية. فما كان من إحدى الصحف إلا الخروج بعنوان عريض «وزير الصحة يطلب من الصحف عدم نشر أخباره»!!.
وخلص الرجل للقول إن سحر الإعلام ينقلب على صاحبه، فيحترق إذا لم يكن هناك من إنجاز يتحدث عن نفسه.
رحم الله أبا سهيل، فقد كان شاعراً جميلاً ومبدعاً متفرداً متميزاً، ترك أثراً طيباً أينما حل.