علي العمودي
اعتباراً من أول أبريل المقبل، تدخل حيز التنفيذ التعديلات الجديدة التي أقرتها هيئة الصحة في أبوظبي بشأن المنافع المرتبطة بالضمان الصحي للموظفين المواطنين وغير المواطنين العاملين في الجهات والشركات الحكومية وشبه الحكومية، وهي تعديلات أقرتها الهيئة أواخر فبراير لتدخل حيز التنفيذ في الوقت المحدد.
كثيرون أبدوا قلقاً من التعديلات الجديدة، ويرون أنهم قد يفقدون معها بعض المزايا والامتيازات التي يستفيدون منها مع النظام السابق، وهو قلق لا مبرر له، لا سيما أن الغاية الرئيسة من تغطيتهم بمظلة التأمين الصحي قائمة. والهدف من العملية يتلخص بإعادة التنظيم والتقنين بعدما أساء الكثير من موفري الخدمات الصحية في القطاع الخاص لنظام التأمين الصحي، وفهموه بطريقة مغايرة تماماً. واعتقدوا أنه تفويض لهم على بياض باستغلال النظام أبشع استغلال، وعن طريق المرضى الذين وجدوا أنفسهم في أماكن عدة أمام أطباء وعيادات هدفها تحقيق أعلى قدر من الأرباح.
وبدأ الحديث عن أطباء وصيادلة يعملون بالعمولة ينتشر وفي العلن، كما أشرت إلى ذلك في أكثر من مناسبة عبر هذه الزاوية، وبطريقة نزعت عن الطب صبغته الإنسانية.
أصبح الداخل إلى العيادات والمراكز يجري التعامل معه بحسب لون بطاقته لا وفق حالته الصحية والمرضية، كما تقتضي قواعد المهنة المرتبطة بـ«الرحمة» و«الإنسانية»، وأتفق مع مسؤول بالتأمين الصحي، قال لي ذات مرة: «إنهم ليسوا بجمعية خيرية»!!. لم يطلب منهم أحد أن يكونوا «جمعية خيرية»، فالمرء يدرك أنهم مؤتمنون على مال عام، ولكن ما جرى من تجاوزات أصبح يشعر بها كل مراجع ومتردد على الكثير من العيادات والمراكز الصحية فاق كل تصور، حيث تتسع درجة ابتسامة كاتب الاستقبال أو تضيق بحسب لون البطاقة. وكذلك الطبيب الذي يكون سخياً في وصف ما يلزم ولا يلزم من أدوية وعقاقير، وطلب التحاليل بصورة مثيرة للعجب. ولدى شركات التأمين الصحي الكثير والكثير مما يقال في هذا المقام.
أما حملة البطاقة «البيضاء»، فليس أمامهم سوى رفع الراية البيضاء والانسحاب بهدوء بحثاً عن عيادة تقبل بهم، بعد أن يتنقلوا بين عيادات ومراكز «طبية» ليسوا محل ترحيب فيها.
التعديلات الجديدة في «الضمان الصحي» ستعيد للبعض رشده، ويدرك أن الدولة قادرة أيضاً على إعادة النظر في النظام كله إذا ما استمر العبث باسم التأمين الصحي.