علي العمودي
بعيداً عن ذلك المسلسل الخليجي «الهايف»، الذي عرض تحت هذا الاسم في العديد من محطاتنا الفضائية، وتصدره مجموعة من المهرجين لتقليد شخصيات عامة، لا همّ لهم سوى انتزاع الضحكة من المشاهد، في زمن الإسفاف وصعود ما هو هابط، أقول بعيداً عن ذلك، تابعت انقسام الجمهور حول إعلان بلدية أبوظبي إدخال خدمات «الواي فاي» المجانية لحدائق العاصمة وضواحيها.
ففي الوقت الذي لقيت فيه الخطوة ترحيباً واسعاً من جمهور ذي تعامل رشيد مع هذه الوسيلة من وسائل التواصل، ظهر فريق آخر استقبل الخطوة بامتعاض، ويرى أنه ستكون لها آثار عكسية، معتقداً أنه بدلاً من انشغال الناشئة والشباب بممارسة أنشطة رياضية، وأبسطها المشي والحركة، سينكفئون على المقاعد والمساحات الخضراء في الحدائق ومطالعة هواتفهم النقالة وأجهزة «الآيباد»، التي سيجلبونها معهم للاستفادة من خدمات «الواي فاي» المقدمة من البلدية، وترى فيها نقلة نوعية لخدماتها لراحة الجمهور.
ومثل هذا التباين في الرأي حول خدمة مهمة بهذا المستوى، تقودنا للحديث حول أي تسهيلات مماثلة تكون كسيف ذي حدين. فهناك من يستفيد منها بالصورة الإيجابية التي من أجلها قُدمت الخدمة، ويحقق الرؤية المطلوبة منها. وهناك أيضاً من يوظفها توظيفاً سلبياً بعيداً كل البعد عن تلك الغاية السامية للقائمين على المشروع.
والواقع أن مسألة التشجيع على ممارسة أي نشاط بدني ورياضي، تعد اليوم من الأولويات لدى الجهات المعنية في الدولة لمواجهة تفشي البدانة والسمنة المفرطة عند فئات واسعة من المجتمع، وما يستتبع ذلك من أمراض وتأثيراتها على إنتاجية الفرد، خاصة أن السمنة تنتشر بين شباب في مقتبل العمر، وفي عز فترة العطاء المنتظر منهم.
ومن هنا، كانت محاور الاستراتيجية الوطنية التي أقرها مجلس الوزراء، ووضعت التصدي للظاهرة في مقدمة أولوياتها لضمان صحة أفضل للأجيال القادمة، رهان المستقبل، لمواصلة مسيرة العطاء وتعزيزها.
ونحن إذ نقدر الدور الذي تنهض به البلديات لتقديم أفضل الخدمات لمرتادي الحدائق، ومنها نشر «الواي فاي» المجانية، إلا أن مبادرات تشجيع النشاط الحركي يفترض أن تكون لها الأولوية، مع تجديد ونشر الأجهزة الخاصة بذلك في الأماكن العامة، وبالتعاون مع شركائها من الأندية الرياضية، وللجميع كل الشكر لمبادراتهم البناءة.