علي العمودي
يقف المرء متسائلاً أمام هذه الحوادث والارتباك المروري عند تقلبات الطقس، وتدني مستوى الرؤية مع انتشار الضباب، والتي تتكرر رغم كل التحذيرات، وحالة الاستنفار التي تقوم بها الأجهزة المرورية في الدولة.
فخلال الساعات الثماني والأربعين الماضية وقع أكثر من 45 حادثا مروريا في مدينتين فقط من مدن الدولة، أعلنت عنها الإدارات المرورية في تلك المدينتين. وربما كانت هناك إدارات غيرها تتحفظ على عدد الحوادث، وما سجلت من خسائر بشرية أو مادية إن وجدت.
محور التساؤل يتعلق بطبيعة الرسالة التوعوية أو التحذيرية التي ترصد لها الأجهزة المرورية مبالغ طائلة وميزانيات ضخمة. وتحرص على المشاركة في مختلف الفعاليات لأجل توصيل تلك الرسالة التوعوية بمختلف اللغات لضمان أن تتحقق الغاية منها. ولكننا للأسف لا نرى لها أثراً في الميدان، حيث تجري الحوادث الجماعية التي تكون فيها طرفا ما لا يقل عن عشر سيارات في أخف التقديرات.
وتعيد شرطة المرور وتكرر في بياناتها ذات التحذيرات والإرشادات، وشرح نفس الأسباب المؤدية للحوادث، وفي مقدمتها السرعة الجنونية والقيادة المتهورة دونما أدنى اعتبار لتقلبات الطقس، وانتشار الضباب على الطريق. بل تجد أن كل المركبات على الطريق في تلك اللحظة وبعد وقوع حادث هنا أو هناك، وقد شغل سائقوها الإشارات الرباعية رغم تحذيرات الشرطة المتكررة بعدم التشغيل لأنها تربك بقية السائقين أكثر من تحقيق التحذير أو التنبيه المنشودين.
هذه الحالة من التجاهل وعدم الامتثال لمناشدات الأجهزة والدوائر المرورية بحاجة لاخضاعها للدراسة والتحليل، وبحث اللجوء لمقاربات أخرى تتجاوز هذا الخلل الحاصل في تلقي التحذيرات للعمل بها والاستفادة منها.
على الطريق العام وأثناء تقلبات الطقس وتدني الرؤية، وأحيانا مع هطول الأمطار تجيء سيارات تمر بك كالبرق، وكأن من يسوقها لم يسمع بهذه المناشدات على الإطلاق.
حالة تثير التساؤلات، ويتوقف أمامها المرء حول كيفية معالجة أمثال هؤلاء والتعامل معهم، وهم كالانتحاري الذي يصر على إيذاء نفسه والآخرين. فهل ما نطلبه الكثير لوقف هذا النزيف المستمر؟! ونحن في مجتمع تنظر قيادته للإنسان أغلى ثرواتها، ووظفت كل الموارد والإمكانيات للحفاظ عليه، وتوفير كل سبل الحياة الكريمة لسعادته ورفاهيته.