بقلم : علي العمودي
إعادة مراجعة امتيازات المنتفعين من نظام التأمين الصحي، سواء حاملي بطاقات «ثقة» أو «ضمان»، إلى جانب الأعباء المالية الإضافية التي حملتها، هي محل تفهم الجميع لأنها تحمل بصيص أمل للحد من تغول وافتراء الكثير من العيادات والمراكز والمستشفيات الخاصة التي بالغت في رسومها وما تتقاضى بصورة فلكية، وعلى الرغم من ذلك فإنها كشفت عن جانب آخر يتعلق بتواضع وضعف إمكانيات الغالبية العظمى من المستشفيات الحكومية وقدراتها لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة وخدمات التأهيل، والدليل إقبال أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة على المراكز الخاصة التي رغم محدودية عددها، فإنه يتوافر أكثرها على معدات وأجهزة تقنية متطورة، وكذلك مزودة بكوادر مؤهلة رفيعة التأهيل، فمرضى الشلل الرباعي ليسوا بحاجة فقط لمن يساعدهم في تدبير احتياجاتهم اليومية، وإنما لممرض متمكن كذلك على قراءة تعابير الوجه وحركة العينين لمتابعة متطلباتهم شفاهم الله وخفف عنهم.
هذه المراكز الخاصة باهظة التكاليف لارتفاع تكلفة هذه الخدمات، وبالتالي عندما تتحدد نسبة التحمل على المستفيد بعشرين في المائة فإننا نتحدث هنا عن عشرات الآلاف من الدراهم. تحدثت سيدة ابنها يعاني من شلل رباعي جراء أخطاء طبية أثناء التوليد، فقالت إن التكلفة الشهرية من نسبة الـ20٪ التي يفترض عليها تحملها لمتابعة حالته من قبل المركز الخاص تصل لنحو 50 ألف درهم شهرياً، أي 600 ألف درهم، بدلاً من أن تتحملها المستشفى التي تسبب بتلك الأخطاء الفادحة. مثل هذه الحالات والأعباء المادية الباهظة إلى جانب المعاناة النفسية لأهالي ذوي الاحتياجات الخاصة بحاجة إلى إعادة نظر من قبل الجهات المعنية في إمارات الخير والعطاء التي تولي هذه الفئات كل اهتمام ورعاية، لأنها بالفعل تستحق ذلك ومن أرقى صور الرعاية الإنسانية.
ذات مرة التقيت مصادفة في العاصمة السويدية استوكهولم إعلامياً عربياً يقيم بها كلاجئ، ودفعني فضولي المهني لسؤاله عن سبب اختياره اللجوء في تلك الأصقاع، وليتني لم أسأله، فقد اغرورقت عيناه بالدمع، وهو يحدثني عن معاناته مع ابنته التي ولدت مصابة بشلل رباعي إثر أخطاء طبية أثناء ولادتها، وكيف اختار تلك البلاد لما وجده من رعاية لابنته، عندما أرسلوا له مروحية خاصة لنقلها وتكفلوا برعايتها. بعض الأمور جراح لا تندمل مع الزمن، ولكن بالإمكان التخفيف من وطأتها بحسن الرعاية لمثل هذه الفئات.
ali.alamodi@alittihad.ae