بقلم - علي العمودي
صباح أمس الأول، فوجئ مرتادو سوق مدينة زايد للخضراوات والأسماك في قلب العاصمة بغياب رجال الأمن الخاص «السيكوريتي»، الذين كانوا يتولون عملية تنظيم الدخول والخروج، وقياس درجة حرارة الداخلين، وضمان الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية المعتمدة للتصدي لجائحة كورونا.
تكتشف أن عقد التعاون والعمل بين شركة الأمن الخاص والجهة المشغلة للسوق قد انتهى، ولم يجدد، وطبعاً موعد الانتهاء معروف منذ يوم توقيع العقد، ولكن بسبب وجود ما يمكن أن نسميهم «معقدو اللحظة الأخيرة»، حان الاستحقاق من دون أن يهتم لمآلاته أمثال هؤلاء، وبسبب «التكلس البيروقراطي» الذي يعيشونه، حصلت مثل هذه الثغرة الخطيرة في جدار جهد عظيم من الإجراءات والتدابير، تسهر عليها فرق العمل العديدة لضمان سلامة المجتمع.
مختلف أجهزة الدولة تخوض اليوم سباقاً لتطوير الأداء المتميز والارتقاء به، وليس أي أداء، وإنما المتميز منه، والبناء عليه والانطلاق معه لآفاق أرحب، تحقق الكفاءة والإنتاجية المنشودة، وإسعاد المتعامل، ولكن للأسف وجود مثل هذه العقليات من معقدي اللحظة الأخيرة يتسبب في إعاقة وتأخر تلك الجهود وغاياتها بل والنيل منها، المسألة في غاية البساطة، عقد له مدة محددة، ومعروف بدايته ونهايته، ومع ذلك ينتظرون للحظة الأخيرة لحسم أمره.
الأداء الحكومي المتميز الذي تنظم له سنوياً، سواء في المؤسسات الاتحادية أو المحلية، برامج وجوائز ومسابقات، لا يزال يعاني وجود معقدي اللحظة الأخيرة ممن يتسترون خلف التحول الرقمي، متناسين أن إنجاح تلك التحولات رهن بوجود عقليات بمفاهيم جديدة تواكب التطلعات والطموحات والآمال المعقودة عليها.
الموظف الذي تسبب في مثل تلك الثغرة الخطيرة التي أشرت إليها، شبيه له كان وراء تأخر وتعطيل الانتهاء من أعمال إنشاءات وتطوير طرق داخلية حيوية، ولذات السبب «عدم الانتباه لموعد انتهاء العقود والتبعات والالتزامات المترتبة عليها». وهناك أمثالهم في العديد من الجهات والدوائر ممن يعيقون معاملات الناس، ويعرقلون وصول الحقوق إلى أصحابها في وقتها، غير مدركين مقدار الألم والإحراج والتأخير الذي يتسببون فيه لأصحاب المعاملات، والذين بدورهم عليهم التزامات تجاه الآخرين.
تظل المسألة في المقام الأول والأخير تتعلق بالضمير، واستشعار حجم المسؤولية، وتقدير عظم الأمانة الموضوعة بين موظف حريص اختار أن يكون مفتاحاً للخير بحسن تشريف دائرته وإسعاد المتعاملين معها، وآخر فضّل أن يكون للأسف من «مغاليق الخير».