بقلم - علي العمودي
خلال جائحة كورونا التي ضربت العالم، أظهر مجتمع الإمارات تضامناً مجتمعياً غير مسبوق أرسى نموذجاً يحتذى به على المستويات والصعد كافة، انطلاقاً من قيم ومبادئ تحركه ويؤمن بها، وفي مقدمتها التعاون والتعاضد، ووقوف القادر مع غير القادر أو المتعثر جراء الظروف السائدة.
وقد أطلقت قيادتنا الرشيدة العديد من المبادرات من خلال الدوائر والجهات المختصة، وبالتعاون مع الهيئات المجتمعية والجمعيات الخيرية والمؤسسات شبه الحكومية والمصارف التجارية وشركات القطاع الخاص، كل ذلك للتخفيف من تداعيات الجائحة على عامة الناس وأصحاب المشاريع. فشاهدنا كيف أطلقت الدولة الحزم التحفيزية بمليارات الدراهم، ووجهت شركات القطاع الخاص لتنظيم العمالة لديها مع ضمان حقوقهم. وصدرت التوجيهات للمصارف والمحاكم بمراعاة الظروف وتأجيل الاستحقاقات وحتى أوامر الإخلاء الناجمة عن التأخر في سداد الإيجار. كما دعت المدارس الخاصة والجامعات لمراعاة ذلك، ورد الرسوم المستوفاة عن خدمات لم يتم الاستفادة منها كالمقصف والمكتبات والنقل المدرسي.
ونحيي الدور الكبير الذي قامت به هيئة «معاً» في أبوظبي وهي تقدم يد العون لمئات الأسر والطلاب المتأثرين بتلك التداعيات من حيث تقديم كل من يحتاجون إليه من أجهزة لوحية وسداد الأقساط، وتوفير السلال الغذائية، وغيرها من التسهيلات والمساعدات.
أمام هذه المبادرات والمواقف التضامنية الرائعة، توقفت أمام موقف غريب لهيئة مسؤولة عن النقل المدرسي لطلاب المدارس الخاصة في رأس الخيمة وهي تطالب هذه المدارس بسداد القسط المستحق عن الشهور التي توقف فيها الطلاب عن التوجه لمدارسهم بعد اعتماد التعليم عن بُعد بسبب الجائحة. وهي أول من يعلم بأن المدارس أعادت أقساط المواصلات لأولياء الأمور لأن الخدمة لم تعد متاحة، فكيف تطالب بمستحقات عن خدمة لم تقدمها أو تتحرك خلالها أي من حافلاتها من مكانها، وكذلك أي من سائقيها؟!!
موقف أثار استغراب كل من تابعه، وطرح العديد من التساؤلات حول دوافعه وما قد يتسبب فيه من آثار على البيئة الاستثمارية في حقل التعليم الخاص الذي تحرص الدولة، وكذلك الهيئات المحلية المعنية، على دعمه وتقديم التسهيلات والحوافز له، إدراكاً للدور الحيوي الذي ينهض به بوصفه شريكاً أساسياً ومهماً في العملية التعليمية.
في هذا الظرف السائد الذي جاء خارج إرادة كل الأطراف، يتطلب الأمر تقدير الظروف، واستلهام روح التضامن المجتمعي، بعيداً عن النصوص الجامدة للعقود، حرصاً على مصلحة الجميع.