بقلم : علي العمودي
في أحد لقاءاته الصحفية تحدث مسؤول في مشروع التنقيب عن الآثار في جزيرة صير بني ياس، وقد كان بريطانياً، عن الحرج والارتباك اللذين سيطرا عليه في كيفية مفاتحة القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في أمر اكتشاف موقع أثري لدير يبلغ عمره أكثر من 1400 عام، إلا أنه فوجئ بالتوجيهات السامية لحكيم العرب الذي أمر، رحمه الله، على الفور بتسوير المنطقة والمحافظة عليها والاهتمام بالاكتشاف الذي يعد أحد أقدم المكتشفات المسيحية في المنطقة. وقد حظي باهتمام وتقدير عالٍ على المستوى العالمي في تلك الجزيرة التي تحولت إلى محمية طبيعية بتوجيهاته، طيب الله ثراه.
وفي رحلاته الخارجية، كان الراحل الكبير يحرص على استقبال ذوي الحاجات، وروى أحد مرافقيه كيف لاحظ زايد إخفاء طلب عنه، وعندما سأل المرافق عن سبب تصرفه رد بإجابة أغضبته حينما قال إن صاحب الطلب يهودي، فما كان من القائد المؤسس، إلا أن ضاعف مبلغ المساعدة لطالبها.
تلك كانت لمحات من نهج التسامح الذي ميز زايد، وجعل منه أسلوب حياة وعمل، صنعت من الإمارات واحة للتسامح والتعايش.
وعندما يعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إطلاق مبادرة عالمية للتسامح فإنما ذلك استلهام لنهج زايد وتعزيز لمكانة الإمارات عاصمة للتسامح العالمي.
تشمل المبادرة السامية العالمية تكريم رموز التسامح العالمي في الفكر والإبداع والفنون، وإنشاء جائزة محمد بن راشد للتسامح ومعهد دولي للتسامح، ليكون الأول من نوعه في عالمنا العربي، كما كانت الإمارات أول دولة تعلن تعيين وزيرة للتسامح.
لقد جاءت المبادرة الإماراتية حاملة رسالة محبة وسلام لشعوب العالم، وتلفت الأنظار للقيمة التي يمثلها التسامح وأثره في صنع حضارات العالم التي ازدهرت عندما ازدهرت فيها قيم الإخاء والتعايش والتسامح. كما أن مجتمعات تلك الحضارات زالت وتلاشت عندما سادت فيها روح الإقصاء وكراهية الآخر والفرقة وعقلية الهيمنة والسيطرة لطائفة أو زمرة على حساب بقية مكونات المجتمع.
والتسامح يعد وقود استمرار التنمية والاستقرار في المجتمعات والبلدان، ونرى من حولنا نماذج حية لمجتمعات انحدرت نحو هاوية الصراعات والحروب العبثية؛ لأنها تفتقر للتسامح. وأخرى ازدهرت بحسن التعايش والتسامح. حفظ الله إماراتنا وطن التسامح.