بقلم : علي العمودي
كنت أطالع ملحقاً اقتصادياً عن سيرة رجل الأعمال الياباني كازو أيناموري (83عاماً) عندما توقفت عند قاعدة أساسية انطلق منها في مسيرته لعالم التجارة والنجاح والثراء وتمتد لأزيد على الخمسة عقود. لخص الرجل الذي تبلغ الأسهم السوقية لشركتيه أكثر من 82 مليار دولار بقوله «انس المساهمين وركز على سعادة الموظفين» فأنت «إذا ضايقت الدجاجة فلن تعمل». و«إذا أردت بيضاً فلا بد من الاعتناء بالدجاجة». يكمن سر نجاح إيناموري - كما جاء في الملحق - في تغيير عقلية الموظفين.
إيناموري عندما تسلم منصب الرئيس التنفيذي من دون أجر، لشركة الطيران اليابانية في عام 2010، كان عمره 77 سنة وليست لديه أي خبرة في المجال. في العام التالي أعادها إلى الربحية، وأنقذها من الإفلاس. وفي العام الذي يليه، أعاد إدراجها في سوق طوكيو للأوراق المالية.
كان السر في كتاب صغير طبعه لكل موظف حول فلسفته بأن الشركة مكرسة لتطورهم ونجاحهم. وشرح فيه الأهمية الاجتماعية لعملهم، وتناول المبادئ المستوحاة من تعاليم معتقدهم الديني حول الطريقة التي ينبغي أن يعيشها الموظفون كالتواضع، والقيام بالأمور بصورة صحيحة.
نظرية بسيطة جعلت مديري الشركات الأخرى يتهافتون على محاضراته، فقد شارك أكثر من 4500 صاحب شركة في مؤتمره السنوي الذي يعقده في كليته «سيواجيوكو» بيوكوهاما الفصل الماضي. وقال أيناموري، إنه يتطوع بوقته للتحدث أمام الحاضرين كجزء من أنشطته الخيرية التي تتضمن أيضاً تمويل جائزة كيوتو، وهي نسخة يابانية عن «جوائز نوبل». ويؤكد أيناموري الذي تبلغ ثروته وعائلته 1.1 مليار دولار، وترتيبه 32 في قائمة أغنى 50 شخصية يابانية هذا العام بحسب مجلة فوربس الأميركية، أنه عندما يتحدث عن إسعاد الموظفين فإنه لا يقصد تدليلهم وإنما دفعهم للعمل بجد أكبر وبحب.
كنت أتمنى أن يقرأ مثل هذه النظريات أولئك المتجهمون والمتكلسون بأقسام الموارد البشرية في العديد من دوائرنا ومؤسساتنا، حيث تجد المسؤول منهم «يكهرب» بيئة العمل بحركة بسيطة، كعدم إلقاء تحية الصباح على العاملين معه لدى دخوله مكتبه، ناهيك عن التعنت والتعسف في اعتماد حقوقهم ومكافآتهم ومخصصاتهم.
إسعاد الموظفين ليس ترفاً وإنما أسلوب عمل يهدف لزيادة الإنتاج ومصلحة المجتمع والوطن، كما أنه ليس مجرد شعار أو ملصق في المناسبات، فاعتنوا بالدجاج يا عباد الله.