بقلم - علي العمودي
بالأمس تناولنا لقباً يُسطر في التاريخ لإماراتنا عاصمة للإعلام، واليوم يسطع في سمائها لقب جديد عاصمة للغة العربية، مع إعلان سلطان الثقافة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة عن منجزه التاريخي، بإطلاق المجلدات الثمانية الأولى من «المعجم التاريخي للغة العربية»، الذي يعد المشروع المعرفي الأكبر للأمة، ويؤرّخُ للمرة الأولى تاريخ مفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر 17 قرناً منذ ما قبل الإسلام إلى عصرنا الحاضر.
منجز يلخص الإصرار والتصميم على الإنجاز الذي بدا حلماً جميلاً مثل المنجزات العظيمة، وكهذا الحلم الذي رافق صاحبه وكان «ضَرْباً من الخيال قبلَ 80 عاماً» حتى رأى النور «في الشارقة التي أحتسِبُها عندَ الله حاملةً للثقافة العربيّة، وعاصمةً للغة العربيّة، وكرّستُ حياتي لأجعلَها مَوْطِناً للغة والأدب والمسرح والرواية وجميعِ الأجناس الأدبيّة، وموئلاً يلجأُ إليه أهلُ الآداب، وعُشّاقُ الثقافة، ومُحبُّو المعرفة»، كما قال سموه.
عمل عظيم جليل لا يقدر عليه إلا أصحاب العزائم والإرادة والهمم العالية والشغف بالعلم والثقافة بإنجاز مهمة تاريخية تعود جذورها إلى أكثر من قرن مضى.
«المعجم التاريخي للغة العربية» الذي يشرف عليه اتّحاد المجامع اللغوية والعلمية في القاهرة بمشاركة 10 مجامع عربية، ويتولى إدارة لجنته التنفيذية مجمع اللغة العربية في الشارقة، يستند على قاعدة بيانات تضم 20 ألف كتاب ومصدر ووثيقة تاريخية، يعود تاريخ بعضها إلى القرن الثالث قبل الإسلام. ويعد إلى جانب البحث والتوثيق لمفردات اللغة العربية، مكتبة إلكترونية ضخمة، تضم أمّات كتب اللغة والأدب والشعر والفلسفة والمعارف العلمية المتنوعة، تمكّن الباحثين والقرّاء بعد إنجاز مراحله من الوصول إلى آلاف الكتب والمصادر والوثائق، يُعرض بعضها إلكترونياً للمرة الأولى في تاريخ المحتوى المعرفي العربي». كما جاء لدى الإعلان عن هذا المشروع الضخم في حفل بهيج الخميس الماضي بمدينة خورفكان.
جاء الكشف عن الإنجاز التاريخي، ونحن أمام صورة متجددة من التزام «سلطان الثقافة» برعاية ودعم الثقافة والمعرفة من خلال انطلاق فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب وسط ظروف وإجراءات احترازية بسبب جائحة كورونا، تأكيداً من عاصمة الكتاب والثقافة واللغة العربية بأن السعي للثقافة والعلوم والحوار فوق كل تحدٍّ كان. «شكراً أبونا سلطان، أطال عمرك وبارك عملك.. وعدت ووفيت وكفيت».