بقلم : علي العمودي
لتاريخ الأمم والشعوب محطاته، ووقفاته الملهمة للأجيال، ومنها تستقى العبر والدروس، وتنهل منها الحكم والمعارف، وتغرف من تجاربها وخبراتها.
ومن المحطات التاريخية الملهمة في مسيرة الإمارات هذا اليوم السادس من أغسطس، ففي مثل هذا منذ نصف قرن، وتحديداً في العام 1966 تولى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي لتبدأ أولى فصول تحقيق حلم أنبلج فجراً وحقيقة في الثاني من ديسمبر1971. لتولد من ثنايا ذلك الحلم دولة عصرية تحقق لها اليوم بين الأمم مكانة الصدارة في ذرى الأمجاد، ولشعبها أفضل وأرقى مستويات الرفاهية والرخاء والازدهار.
لم يكن زايد صاحب نظرية أو اختراع، بل امتلك رؤية واضحة مستمدة من حكمة حباها الله إياها، ورؤية ثاقبة وثقة لا حدود لها بقدرات شعبه وإمكانات وثروات الأرض التي يقف عليها.
رؤية تمحورت حول توظيف كل قدرات وثروات الوطن- رغم ضآلتها في تلك السنوات الصعبة - لأجل الإنسان في كل مكان على امتداد الوطن الغالي. وقد أثمرت تلك الرؤية أكبر وأعظم استثمار في الإنسان، وإعداده وتأهيله بالتعليم، لنقطف ثماره اليوم، ونحن نشاهد واحداً من أرفع نتائجه وأمثلته، مجسدة في كوكبة من الكوادر الإماراتية الشابة كأول المتخصصين في القطاع النووي، ليس على مستوى الدولة، وإنما في سائر بلدان مجلس التعاون الخليجي.
كان بناء إنسان الإمارات والاستثمار فيه من مقدمة ركائز رؤية زايد الذي كان- رحمه الله- يحلم دوماً بألا يرى مواطناً يغترب عن وطنه، بحثاً عن علم أو علاج.
وها هي اليوم الإمارات تزخر بعشرات الجامعات الحكومية والخاصة وفروع لمؤسسات عالمية عريقة للتعليم العالي، ومنشآت علاج وطبابة على أرقى المستويات العالمية، بل أصبحت محطة مهمة على خارطة السياحة العلاجية، وتزهو بما حققت من منجزات ومكتسبات لشعبها الذي يتصدر مؤشر أسعد شعوب الأرض. وتحققت لها مكانة دولية بارزة ومؤثرة لها دورها في تعزيز السلم والاستقرار العالمي، ومد يد العون والمساعدة للشعوب المحرومة من دون تميز . وباتت منارة للإبداع والابتكار ونشر قيم التسامح والتعايش بين الشعوب والأديان والحضارات.
واليوم عندما يصدر «الأرشيف الوطني»، بالتعاون مع صحيفتنا «الاتحاد» ملحقاً خاصاً بالمناسبة، فإنما ذلك اعتزاز بالراحل الكبير، وتذكير الأجيال للوفاء لنهجه. رحم الله زايد، وبارك لنا في خليفة وإخوانه.