بقلم : علي العمودي
واكب سوء فهم على نطاق واسع، قرار تدريس جميع المواد المقررة باللغة العربية داخل الصفوف الدراسية بالفصحى، اعتقاداً من شرائح واسعة في المجتمع بأن المقصود معالجة آثار القرار الخاص باللغة الإنجليزية، بعد ظن البعض أن «العربية» لا تصلح للتدريس في الجامعات، وغير مواكبة لمتطلبات العصر، بينما المستفيد الرئيس بعض المعاهد والجامعات الخاصة التي تستقطب أعداداً من الطلاب الأجانب.
القرار الجديد الخاص باللغة العربية الفصحى، يصب في إطار الجهود المبذولة لتعزيز وتكريس مكانة اللغة الرسمية للبلاد، ولسان حال ورمز الهوية الوطنية.
ضرورة هذا القرار ليس ببعيدة عن الإشكالية التي كنت قد طرحتها من قبل، عبر هذه الزاوية، في أعقاب تجربة تدريس اللغة الإنجليزية، على يدي مدرسي «النتيف سبيكرز»، أي ممن لغتهم الأم هي الإنجليزية، وما ترتب عليه من تباين في النطق والمعنى بين المدرسين القادمين من إنجلترا أو غيرها من مناطق المملكة المتحدة أو من الولايات المتحدة، وولّد معاناة لدى الطلاب والطالبات في التجربة التي انكمشت وتوارت على استحياء، وفقدت بريقها قبل أن تلحق بتجارب أخرى.
ما هو ملموس بوضوح، بعد كل هذه التجارب في الميدان التربوي والتعليمي، التدهور الملحوظ في مستوى اللغة العربية لدى النشء، واستسهال التخاطب باللغات الأجنبية، وكأنما الأمر أصبح مدعاة للتفاخر والتباهي بهم، من دون إدراك وتبصر لخطورة الأمر.
قرار التدريس باللغة العربية الفصحى يشمل المدارس الحكومية والخاصة، ويتعلق بمقررات اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والتربية الإسلامية، وقالت وزارة التربية والتعليم: «إنه يجيء انطلاقاً من حرصها على تعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى إعادة لغة الضاد لمكانتها الراسخة، والتي تعد الوعاء الجامع لإرثنا وتاريخنا وهويتنا وحضارتنا»، وأن «الاهتمام بها وتكريسها لدى الأجيال، مطلب ملح». وأعلنت الوزارة أنها بدأت تطبيق القرار في المدارس بصورة تمهيدية خلال الفترة المتبقية من العام الدراسي الحالي، للوقوف على مكامن القوة والضعف، قبل التنفيذ الكامل العام الدراسي المقبل.
تعزيز مكانة وموقع لغتنا العربية بحاجة إلى المزيد من الخطوات والإجراءات، سواء من وزارة التربية والتعليم، وغيرها من المؤسسات المعنية، ونحن في الانتظار.