بقلم : علي العمودي
سيناريوهات مرعبة يمثلها الإرهاب الإلكتروني، وينفذ من خلاله إرهابيون هجمات إلكترونية للإضرار بالأبرياء، والمؤسسات الحكومية أو الخاصة التي لا تذعن لمطالبهم. تطور الإرهاب في هذا الاتجاه، يدفع بالأجهزة الأمنية والشرطية لتطوير قدراتها، وبعدما كانت تركز عند المنافذ ـ على سبيل المثال ـ في البحث عن قطعة سلاح قد تكون بحوزة إرهابيين يخططون لخطف طائرة، أصبح الأمر يتطلب تأمينها من هجمة إلكترونية تشل حركتها والمطار بأسره.
وتابعنا خلال الأيام القليلة الماضية، حال الفوضى والخسائر الكبيرة التي تسبب بها الهجوم الإلكتروني «الفدية الخبيثة»، وضرب حواسيب مؤسسات ومنشآت عالمية ضخمة في مناطق مختلفة من العالم، فاستنفرت الدول أجهزتها وقدراتها لمواجهة أي موجة جديدة من الهجوم الذي لا يزال البحث جارياً عن الذين يقفون خلفه.
من هنا تجيء أهمية مؤتمر «تجريم الإرهاب الإلكتروني» الذي يختتم اليوم في عاصمتنا الحبيبة أبوظبي، وعقد خلال اليومين الماضيين برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، ويعد امتداداً لجهود ومبادرات دولة الإمارات للتصدي مع شركائها في دول العالم للإرهاب والإرهابيين، ضمن الحرب العالمية المستعرة على آفة خطيرة تهدد الوجود الإنساني والحضاري.
أبوظبي منارة التنوير والريادة، ومن خلال مؤتمر دولي حظي بمشاركة عالمية واسعة تقود جهداً عالمياً ملموساً لوضع تشريعات تلاحق إرهابيي العالم الافتراضي الذين باتوا يشكلون خطورة مباشرة على أمن واستقرار المجتمعات الآمنة والحضارة الإنسانية. وكما كان للإمارات الريادة والسبق في مواجهة الفكر المتطرف ومحاصرته، تبادر اليوم ومن خلال هذا المؤتمر، إلى تسليط الضوء على أهمية وضرورة التحرك الدولي الجماعي في مواجهة التطرف والإرهاب الذي أصبح يعتمد بصورة كبيرة على هذا الفضاء وعالمه الافتراضي للترويج لأفكاره التخريبية التي تحض على الكراهية والقتل والتدمير، واستقطاب أعوان له، وبالذات في أوساط الشباب والأغرار، والتراسل فيما بينهم لتنفيذ أعمالهم الإرهابية الدنيئة.
الكثير من الدول لا تشريعات لديها تتعامل مع الواقع الجديد الذي فرضه دخول الإرهاب الإلكتروني، ليصبح وجهاً آخر للأفعال الدامية والمشينة للإرهابيين الذين يظهرون بوجههم القبيح هنا أو هناك، ما يستوجب تضافر الجهود للقضاء على مصدر الإرهاب واجتثاث أدواته وعناصره وتجفيف منابعه، بعدما اقتنع العالم أن هذه الآفة لا وطن أو دين لها، وإنما جنون متفلت يستهدف الحياة وجمال الحياة، وحضارة الإنسان أينما كان.