بقلم : علي العمودي
المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزارة التربية والتعليم أمس الأول للإعلان عن قبول الطلاب الجدد في مؤسسات التعليم العالي والبعثات مناسبة تجدد فيها الحديث عن قضية تحولت إلى معاناة للمئات من الطلاب والطالبات وأسرهن، وتتعلق باختيار التخصص المطلوب لسوق العمل في بلد يمضي بقوة على مسار اقتصاد المعرفة وفقاً لرؤية ثاقبة لقيادته الرشيدة.
تعثر المئات من الطلاب في المسار، لا لخطأ فيه، وإنما لكثرة الاجتهادات و«الطباخين»، الذين لكثرتهم ساحت الطبخة، وأقصد تعاقب المسؤولين وتعدد الوصفات لدرجة تحول الاختبارات الوطنية المعدة للراغبين في الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي إلى عقبة كأداء. الاختبارات تعددت وتنوعت على دروب مطاردة «المعايير العالمية»، وكانت أولى العثرات، ذلك الذي أقنعنا بأن اللغة الإنجليزية هي أساس تطور التعليم العالي والتعليم إجمالاً. ومنها جاءت الاختبارات الوطنية وغير الوطنية من«سيبا» و«سات» و«آيلتس» و«توفل» وغيرها ما أنزل الله بها من سلطان.
قلبت في تجارب دول سبقتنا وقطعت شوطاً كبيراً على طريق «اقتصاد المعرفة» فلم أرَ فيها من تخلى عن لغته الأم وأصر على التدريس باللغة الإنجليزية وفي مقدمة التجارب كوريا الجنوبية وفنلندا وألمانيا وغيرها.
وفي ذلك المؤتمر الصحفي أحيي ما تضمنته مبادرات الوزارة للارتقاء بمنظومة التعليم العالي وفي مقدمتها اختبار وطني موحد جديد في أربعة علوم.
كما أحيي معالي الدكتور أحمد الفلاسي وزير الدولة لشؤون التعليم العالي الذي تحدث عن ضرورة تطوير الاختبارات الوطنية بعدما تحولت إلى عبء حقيقي ومعاناة بمعنى الكلمة للطلاب وأسرهم.
وعبر هذه الزاوية تناولنا في أكثر من مرة كيف تحولت هذه الاختبارات، وبالذات «آيلتس» إلى تجارة حقيقية ومنجم للذهب يدر ملايين الدراهم على «أكشاك التعليم» التي ظهرت وانتشرت كالفطر تحت شعار وستار إعداد الطلبة للاختبار الذي تتقاضى تلك الأكشاك ألف درهم للخضوع له، ناهيك عن رسوم الدورة الواحدة التي لا تقل عن ستة آلاف درهم وأحياناً عشرة آلاف للدورة التي لا تستغرق أكثر من أسبوعين وأحياناً عشرة أيام. ويقام الاختبار في بعض قاعات الفنادق حيث يُحشد نحو ألف طالب يدرون مليون درهم لذلك «الكشك التعليمي» في جلسة واحدة. أحد أولياء الأمور تحدث عن استنزاف هذه الاختبارات لابنه بنحو 90 ألف درهم قبل أن يدرك مسؤولو «التعليم العالي» أن المسألة «بزنس في بزنس»!!.