بقلم : علي العمودي
من منارة المبادرات والإيجابية والاعتناء بالمستقبل والانشغال به ولأجله، أطلق فارس المبادرات والطموح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مبادرة «تحدي الترجمة» امتداداً لمبادرته السامية السابقة «تحدي القراءة»، إيماناً من سموه بدور الكتاب والقراءة والترجمة في بناء نهضة الأمم والشعوب، وصنع الحضارات.
نستحضر جميعاً المراحل الذهبية للحضارة الإسلامية وأمتنا العربية، حينما ازدهر حال الكتاب، ونشطت حركة الترجمة في مختلف ميادين الأدب والعلوم، والمدخل كان دائماً التعليم الذي قال سموه بشأنه- لدى إطلاق المبادرة الجديدة- «إن واقع التعليم في العالم العربي لا يرضي أحداً»، داعياً جميع المهتمين بالتعليم في بلداننا العربية للمشاركة في «هذا المشروع الحضاري الدائم». معرباً عن قناعته بـ «القدرات الاستثنائية للطلاب العرب»، وبأن «التعليم الإلكتروني سيكون الطريق الأسرع لردم الفجوة التعليمية في وطننا العربي».
المبادرة الجديدة ستعمل على ترجمة11 مليون كلمة وإنتاج خمسة آلاف فيديو تعليمي خلال عام واحد. كما تهدف إلى ترجمة وتعريب وإعادة إنتاج أحد أكبر مواقع التعليم العالمية، وهو موقع «خان أكاديمي»، والذي يضم ذلك العدد من الفيديو التعليمي في العلوم والرياضيات لمراحل التعليم كافة. معتبراً سموه المبادرة خطوة أولى على درب طويل لتحسين واقع التعليم العربي.
ستظل الإمارات دوماً منارة ساطعة وواحة ملهمة للجميع للنهوض والبناء، وها هي اليوم تقدم مبادرة معرفية نوعية، تحمل في طياتها دعوة للجميع للتفاعل وإدراك قيمة الترجمة، بما تحمل من انفتاح على ثقافات وإبداعات الآخرين، انفتاح يعكس بدوره التفاعل بين الحضارات ونشر روح التسامح والتعايش وتبادل المنافع بين الأمم والشعوب.
وهج أمتنا العربية وإسهاماتها الحضارية لم يخبُ وينتكس، وتخلفت أقطارها عن الركب، إلا بعد أن تصدرت المشهد فرق الانغلاق والإقصاء ورفض الآخر وثقافته، وتقدم تلك الفرق المتاجرين بالدين ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على عقول الناس، فتسببوا في تحجر المجتمعات التي نشطوا فيها وسيطروا عليها، وجعلوا شعوب «أمة أقرا لا تقرأ»، ليس ذلك فحسب، بل وفروا مادة يقتات منها التطرف والإرهاب، وهم يبررون و«يشرعنون» العنف الدامي الناجم عن فكر الإقصاء والتكفير.
مبادرة «تحدي الترجمة» شمعة جديدة تضيئها الإمارات أمام العرب للخروج من نفق الانغلاق عبر بوابة الآمال العظيمة التي يقدح شرارتها التعليم الجيد.