بقلم : علي العمودي
برحيل أسطورة الغناء الخليجي الفنان أبوبكر سالم، فقدت الساحة الخليجية والعربية أحد آخر عمالقة الفن الأصيل في عالمنا المعاصر. لم يكن أبو أصيل مجرد فنان متعدد المواهب دانت له الحروف والقصيد وطبقات الصوت وأوتار العود، بل كان صاحب رسالة تؤكد أصالة الفن ورسالته بما يخدم الإنسان وجمال الحياة والوجود.
كانت رحلة أبوبكر سالم مسيرة متعددة المحطات منذ أن انطلق من مدينته الصغيرة تريم بوادي حضرموت، راحلاً من ديرة الأربطة وترانيم التصوف والتأمل، نحو عدن منارة الإبداع خمسينيات القرن الماضي، ومنها نحو بيروت والقاهرة ليحط رحاله في المملكة العربية السعودية الشقيقة، ويواصل رسالته في تعريف العالم بالدان الحضرمي وألوان فنون شبه الجزيرة العربية، وغنى أطيافاً من الفن اليمني العدني والصنعاني واللحجي وغيرها.
تغنى بالجمال، وحب الأوطان، غنى«أمي.. أمي اليمن»، وغنى للمملكة «يا بلادي واصلي»، وغنى لبلاد «زايد الخير» وللقائد المؤسس عندما صدح بصوته -الذي عُد ثاني أفضل أصوات العالم- في ساحة الاحتفالات بالمشرف خلال أفراح آل نهيان سبعينيات القرن الماضي «سير يا بوسلطان.. سير بالركب الكبير». كما غنى لمنتخبنا الوطني في عصره الذهبي «منصور يا منتخبنا».
شكل مع الشاعر الراحل الحبيب حسين المحضار ثنائياً راقياً، حلق بالأغنية الحضرمية نحو آفاق رحبة وتخوم غير مسبوقة من الالتزام برقي الكلمة وبساطة الأسلوب وعمق التأثير الذي ينقل المتلقي نحو بحور عميقة من الأحاسيس الإنسانية.
وكما قال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي في معرض رثائه للراحل، كان أبوبكر سالم «صوتاً نابعاً من عمق الأصالة الخليجية، حمل شجن بلاده وحضارتها، وكان صوته تجسيداً للثقافة اليمنية والخليجية والعربية، أحبه الناس، وبات جزءاً من ذاكرتهم الإنسانية الجميلة».
نقول للعملاق الذي شدا لنا «مرحيب مرحيب».. وداعا يا «الطيب الأصلي»، و«باشل حبك معي بالقيه زادي.. ومرافقي في السفر وباتلذذ بذكرك في بلادي.. في مقيلي والسمر، وانت عسى عاد باتذكر ودادي، وان كنت تناسيت ياما ناس جم.. مثلك تناسوا الوداد في خير انته وانا بانلتقي في سعاد». وطال السفر وتعب القلب يا أبا أصيل، و«يا عين لا تذرفي الدمعة ما دام لك في الأمل شمعة، واستبشري بالرجعة رجعت حبيبك إلى ربعه للأهل والدار». رحم الله أبوبكر سالم.