بقلم : علي العمودي
تفاءل جمهور المراجعين خيراً بعد توسع وزارة الموارد البشرية والتوطين في الاعتماد على مكاتب«تسهيل» لإنجاز معاملاتهم، ولكن الميدان جعل المراجعين الموجوعين مما يجري، يترحمون على مكاتب الطباعة الصغيرة وكفاءة عملها رغم ضآلة ما تتقاضى، مقارنة برسوم مكاتب «تسهيل» التي تحولت إلى منصات تعقيد بسبب جهل موظف بالإجراءات والأوراق المطلوبة.
في يوم واحد كنت أمام مشهدين، الأول لموظف مسؤول يداوم في أبوظبي، أراد تجديد إقامة سائق، يعمل في مزرعته بمسافي. توجه السائق لمكتب الوزارة في رأس الخيمة -بعدما أصبحت هذه الفئات من العمالة ضمن اختصاصاتها-، فطلبوا منه الذهاب لمكتب«تسهيل» المجاور لمبنى الوزارة، وبعد انتظار ساعتين في الطابور وصل لموظف طلب منه إحضار سند الملكية الأصلي للمزرعة، فتوجه لمسافي ليعود في اليوم التالي لذات الموظف الذي طلب هذه المرة بطاقة الهوية والجواز الأصلي للكفيل الذي أرسله في اليوم التالي، من أبوظبي. كان ذلك في منتصف الأسبوع ليرجئ إنجاز معاملة لم تكن تستغرق أكثر من يوم إلى أسبوع ثان من دون أن يدرك أمثال هذا الموظف أن هناك مراجعين من مناطق بعيدة عن رأس الخيمة، وبعضها يبعد عن مركز المدينة بأكثر من 100 كيلومتر.
وهذه المناطق تبخرت أحلامها في افتتاح فروع«تسهيل» بسبب الشروط التعجيزية التي تضعها الوزارة لترخيص مكاتب«تسهيل».
المشهد الثاني في أحد مكاتب«تسهيل» بالعاصمة، حيث استغرق الأمر يومين من مراجع لإنجاز معاملة «توثيق» لا لشيء سوى عدم معرفة الموظف بالأوراق والوثائق المطلوبة، وهو يصر ليومين كاملين على طلب شهادة براءة ذمة عن حساب الكهرباء والماء للمستأجر السابق قبل أن يوثق العقد للجديد وصاحبه الذي لا علاقة له البتة بالحساب السابق، قبل أن يستدرك الموظف الأمر بعد رحلات مكوكية للمراجع ومكاتب«أبوظبي للتوزيع» والتي هي متاهة بحد ذاتها.
نأمل أن يستلهم موظفو«تسهيل» أداءهم من مسمى مكاتبهم، فالغاية مساعدة جمهور المتعاملين وتسهيل أمورهم وفق اللوائح والأنظمة المتبعة التي تتطلب منهم الإلمام التام بها وبمتطلباتها بدلاً من إرهاق عباد الله في طلب ما يلزم وما لا يلزم. كما أن هذه المكاتب وجدت لتكون دعماً ومسانداً للوزارات والمؤسسات الحكومية لا عبئاً عليهم، تثير تذمر مراجعين، تحرص الدولة على حسن خدمتهم بل وإسعادهم بتطبيقات ذكية غايتها «التسهيل» لا التعقيد.