بقلم : علي العمودي
قبل سنوات عدة أهداني الأخ والصديق الإعلامي تركي الدخيل كتابه «جوهرة بيد فحام» الذي وجدته أبلغ وصف لحال اليمن الذي كان سعيداً في عصور غابرة.
بلد يعد جوهرة بكل المقاييس لولا أن تعاقب عليه قادة لا يهتمون به ولا يملكون أدنى قدر من الغيرة على كرامة شعبه، فهو يمتلك مقومات نهضة وازدهار من جوانب عديدة، إذ يملك أحد أطول السواحل في العالم العربي الذي تتوافر بحاره على أغنى المصايد والثروات البحرية، ويمتلك واحداً من أهم الممرات الملاحية في العالم، ومن بينها ميناء كان يعتبر ثاني أكثر موانئ العالم ازدحاماً بعد ميناء نيويورك، وأقصد ميناء عدن.
كما أن باطن أرضه تزخر بثروات طبيعية لا حصر لها، فبعض التقارير المتخصصة تضع حقول الغاز الطبيعي فيه ضمن أكبر عشرة حقول في العالم، ناهيك عن الذهب الأسود في أرضه. والأهم من ذلك كله مخزونه من البشر، ومخزونه الحضاري والتاريخي الذي يؤسس لصناعة سياحية من طراز رفيع، شهدت في بعض السنوات تدفق آلاف السياح الذين انبهروا بأقدم ناطحات السحاب و«قمريات» صنعاء القديمة وعرش بلقيس، وغيرها من شواهد أرض الحضارات.
كل ذلك تبدد بسبب حكام مغامرين وتجار شعارات ونظريات تعاقبوا على حكم اليمن شماله وجنوبه، وأشعلوا الصراعات والفتن التي قادت البلاد نحو هاوية بلا قرار من الفقر والتخلف، وأوبئة وأمراض انقرضت من العالم لتظهر في البلد الذي قال عنها شاعر اليمن الكبير عبدالله البرودني «مليحة عاشقاها السل والجرب».
اليوم المواجهات الجارية بين المخلوع علي عبدالله صالح وميليشيات الحوثيين ليست إلا صورة من صور اختلاف اللصوص على «الجوهرة» أو الغنائم بعدما رهنوا اليمن لمخططات الفرس.
عمليتا «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة وبمشاركة قواتنا المسلحة وعدد من الدول العربية الشقيقة، جاءتا لرفع الظلم عن أهلنا هناك، ودعم شرعية هي ثمرة المبادرة الخليجية وآلياتها ومخرجات الحوار الوطني لوضع اليمن على طريق بناء دولة اتحادية عصرية تقوم على المواطنة المتساوية وتقاسم الثروات، تنعم بالأمن والاستقرار، تكون عمقاً استراتيجياً لأشقائها في الجزيرة والخليج، وتوفر للإنسان اليمني الحياة الكريمة التي يستحقها بعيداً عن اللصوص وتجار الشعارات وأصحاب منطق «الفيد» الذين تقاسموا مقدرات ذلك البلد الغني، وقادوه بجدارة إلى مصاف أفقر بلدان العالم.