بقلم : علي العمودي
ذات مرة كنا في بهو استقبال بفندق يتبع مصحة للاستشفاء بإحدى المدن الأوروبية عندما احتدمت معركة كلامية بين موظفي الفندق وسائحة - للأسف - كانت من أحد البلدان العربية الشقيقة بسبب اكتشاف تدخينها في غرفتها بالمبنى غير المصرح فيه بالتدخين. أصر الموظف المعني على ضرورة سدادها الغرامة الباهظة المقررة وعدم التساهل معها لأن المسألة لا تتعلق بالنزيلة فقط، بقدر ما تحمل خرقاً للأنظمة واللوائح، وتعريض حياة الآخرين للخطر. ورغم النبرة المرتفعة للسائحة والزعم بأنها شخصية معروفة، وتهديدها بعدم النزول في الفندق مرة أخرى، إلا أنها أذعنت في نهاية الأمر، ووقعت على التعهد بعدم إعادة الكرة، وقدمت بطاقتها الائتمانية لسداد الغرامة المترتبة على فعلتها.
استعدت ذلك المشهد بينما كنت أتابع تقرير «الدفاع المدني» في دبي، والذي خلص إلى أن سبب حريق برج الشعلة الأخير كان بسبب عقب سيجارة ألقى به أحدهم، في تصرف أرعن غير مسؤول يتطلب موقفاً حازماً وصارماً بحقه بعدما تسبب في حريق هائل. ولولا لطف الله والجاهزية العالية لرجال الدفاع المدني الذين تعاملوا مع الحريق باحترافية عالية، لحدث مالا تحمد عقباه. فإلى جانب التعامل مع الحريق في استجابة سريعة وقياسية، جرى إخلاء سكان البرج وإسكانهم في فنادق وإعادتهم لشققهم بعد تأمين المبنى. ليبقى السؤال، كيف الوصول لأمثال هذا المستهتر، وغيره ممن يعرضون حياة الآخرين للخطر؟.
عندما تستطيع أجهزة الدفاع المدني والشرطة بإمكاناتهم الفنية المتطورة من الوصول إلى أمثال هؤلاء المستهترين، وتقديمهم للعدالة وتطبيق أشد العقوبات بحقهم، حينها ستجد الالتزام والتطبيق الكامل للإجراءات التي تدعو إليها دوائر الدفاع المدني التي تجدها نفسها في سباق مع الزمن بسبب حماقات مستهترين على استعداد لتعريض حياتهم وحياة الآخرين لمجرد إرضاء نزواتهم وممارسة عاداتهم السيئة. بعض هؤلاء تجد يدخن داخل سيارته، وعندما ينتهي من سيجارته لا يتردد في إلقائها بكل استهتار من النافذة حتى لو كان بقرب محطة للوقود أو ماراً بجوار شاحنة أو مقطورة تنقل مواد سريعة الاشتعال كالبنزين أو أسطوانات غاز.
ونحن نوجه كل التقدير والاعتزاز والامتنان لدوائر الدفاع المدني في مختلف مناطق الدولة للجهود الكبيرة والعظيمة التي يقومون بها لحماية الأرواح والممتلكات، نتمنى منهم تكثيف حملات ملاحقة المستهترين، وتغليظ العقوبات بحقهم، وتنفيذ عقوبة الخدمة المجتمعية كذلك عليهم، ليدركوا سوء تبعات الاستهتار.