بقلم : علي العمودي
نتفهم أن تقوم مؤسسات تجارية وأكشاك الاسترزاق المتنقلة بفرض أسعار ورسوم لقاء ما تقدم، ولكن أن تنخرط منشآت الرعاية الصحية في هذا التسابق المحموم لاستنزاف المراجعين بشتى الذرائع والحجج والمبررات، فذاك عصي الاستيعاب. ففي كل دول العالم تتسابق مختلف الجهات على تقديم أسعار خاصة ومخفضة لثلاث فئات في المجتمع، الطلاب والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة من أصحاب الهمم، إلا عندنا تفرض عليهم أكبر الأسعار والأثمان الباهظة.
لم تكن لتظهر لولا ضعف الرقابة والمتابعة من جانب الجهات المختصة، والتي تكتفي بالطلب من المتضرر تقديم شكوى على الموقع الإلكتروني أو عبر الرقم المجاني، كما لو أن المسألة حالة فردية، بينما المطلوب متابعة ميدانية لإشعار المتجاوزين بأن هناك من يتابعهم ويضع حداً لتجاوزاتهم وممارساتهم السلبية.
قبل أيام، تابعت حالة طالب جامعي رفضت الجامعة الخاصة التي يدرس بها الإجازة المرضية لمدة يوم واحد التي قدمها لتبرير غيابه عن ذلك اليوم الدراسي، وطلبت منه تقريراً طبياً عن الحالة المرضية، وعند ما راجع أحد المستشفيات الخاصة، فوجئ به يطلب منه رسماً قدره مئة درهم لطباعة نسخة من التقرير الطبي، في تصرف غريب ومستهجن.
تصرف هذا المستشفى لا يختلف في عدم قانونيته عن الكثير من مصارفنا التجارية التي تفرض رسماً لطباعة أية ورقة منها، رغم أنها لا تكلف الموظف سوى ضغطة زر. وقد أعلنت الجهات المختصة في مناسبات عدة عدم مشروعية مثل هذه الممارسات، ولكن أن تفرض على طالب علم، في كل بقاع الأرض تقدم له كل التسهيلات، فتلك مشكلة تنم عن عقلية تربح مريضة لا تقيم اعتباراً لأي شيء سوى مصالحها.
الشيء نفسه عندما نتحدث عن ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تبالغ معاهد في التعامل معهم فيما يخص أسعار خدماتها بزعم ارتفاع أسعار وأجور العاملين في هذا المجال المتخصص، ولكن هل أن يعقل أن تصل رعاية طفل في التمهيدي من أطفال التوحد أو متلازمة داون إلى ما يتراوح ما بين 60 و80 ألف درهم سنوياً، والغريب أن أكثر هذه المعاهد تقدم نفسها على أنها مؤسسات غير ربحية، وتنظم حفلات عشاء ومزادات خيرية لجمع التبرعات!!.