عائشة سلطان
بعض «ربعنا» عندما يسافرون، إلى بعض بلدان أوروبا أو بعض بلاد شرق آسيا المتطورة، تجدهم يلتزمون بالقوانين والممنوعات بدقة تامة، في الفندق، في الشارع، في المطعم، ولكنهم حين يسافرون لبلدان أوروبية أو عربية أخرى يكيفون القوانين على مزاجهم تماما خاصة حين يجدون من يساعدهم على تجاوز القانون لقاء المال، أقول بعضهم وليس كلهم بطبيعة الحال، ولذلك يرتاح الكثيرون بالسفر الى بانكوك مثلا.
حكاية البهارات والأكلات العربية والمحلات التي تبيع الخبز اللبناني والأرز البسمتي واللحم الحلال وال... كانت نادرة ويقتصر وجودها في بقالات ما يعرف بشوارع العرب، أو لدى بعض بقالات الأتراك، اليوم قلب «ربعنا» التركيبة الثقافية في قرى الألب النائية التي صارت تزدحم صيفا بالخليجيين، ما جعل المطاعم الهندية والإيرانية والتركية تملأ قرى سياحية صغيرة كنت بالكاد تجد فيها محلا للبيتزا، حتى لقد حاول ماكدونالدز افتتاح محل في وسط السوق في احدى هذه القرى فثار الأهالي وتم نقل المطعم لمكان بعيدا على الطريق الخارجي السريع.
شحن السيارات الفاخرة والتظاهر بها في شوارع أوروبا الضيقة ظاهرة بدأت تتزايد في السنوات الأخيرة وليس لها تبرير إلا الذي تعرفونه، فأوروبا على وجه الخصوص توفر شركات عالمية مكاتبها مفتوحة طيلة النهار لاستئجار السيارات بجميع مستوياتها لمن يريد أن يجوب مدن القارة من قصاها إلى أقصاها فلماذا يتم شحن هذه السيارات المكلفة إذن ؟ للتباهي بها وللتسكع بها في لندن وجنيف ولخلق أزمة سير في طرقات زيلامسي وانترلاكن تلاحقهم نظرات الغيرة والإعجاب وأحيانا الاستغراب !
بعض «ربعنا» يزيدونها أكثر من اللازم أحيانا، فإذاكان بصحبة اثنين أو ثلاثة من أطفاله ودخل الى مطعم عائلي وجلس الى الطاولة المخصصة له لا يلبث طويلا حتى يعلن المطعم حالة الطوارئ حين يبدأ الصراخ والبكاء والتهديدات، وإذا بالمملحة تسقط وتنكسر فجأة، وقنينة الزيت تنسكب على مفرش الطاولة الناصع البياض، أما المزهرية الصغيرة فتكون قد أصبحت في خبر كان، الأب يلملم الخسائر بينما الأم تقلب هاتفها النقال تتابع آخر تعليقات صديقاتها وشقيقاتها على آخر صورة وضعتها في حسابها في الانستجرام للمنظر ساحر وقد كتبت اسفله «تعلمك الطبيعة هنا أن تكون راقيا» لحظتها ينتابك هاجس شرير أن تكتب لها تعليقا: «عن جد تعلمت الرقي»؟