ماذا يحدث هناك

ماذا يحدث هناك؟؟

ماذا يحدث هناك؟؟

 صوت الإمارات -

ماذا يحدث هناك

عائشة سلطان

أتذكره بوضوح كامل، كأن الحدث قد حصل ليلة البارحة، بتفاصيله ودقائقه، بأصواته وضجيجه، بكآبته وانكشاف كذبه، بتلك الفجاجة التي لطخت الوجوه التي ملأته، نعم أتذكره بهذا الجلاء الناصع وأكثر، حتى ذلك الألم الحارق وبكائي أتذكره وأتحسس قلبي ألماً، كان ذلك هو مساء التاسع من شهر أبريل من العام 2003، حين انتهت اللعبة وأسدل الستار في العراق، وشوهدت طلائع جنود المارينز الأميركان يعبرون الجسر في وسط بغداد تحت شعارات النصر القاتل، أتذكرها لا لأستعيد الألم - فبنا ما يكفي منه - لكنني أتذكر لأستعيد ذلك التعاطف الذي كان يملؤنا مع أوطان كانت لا تزال أوطاننا حتى وإن لم نزرها حتى لو لم يكن لنا فيها أهل وذكريات، ذلك التماهي مع الحدث، الانغماس في تفاصيله، متابعته بدأب، بحرقة، بكل ما فينا، بكل آدميتنا وإنسانيتنا.

لماذا أتذكره بكل هذا الألم وبرغم هذا الألم ؟ لأنني ارى كثيرين ممن بكوا حرقة على العراق يومها، لا يدرون ولا يريدون ان يعلموا ما يحدث في ليبيا، وتونس واليمن ؟ تسأل ذاك الذي تتذكر صوته متهدجا وهو يحدثك عن كذبة العراق الكبرى في عام الكذب ذاك، تسأله: ماذا يحدث في اليمن؟ فيجيب بلا مبالاة (شيء بين المؤامرة والحرب الأهلية وتقاسم النفوذ في المنطقة) وبنفور وتململ (شيء يشبه هذا الذي ترينه على كل الخريطة، ما الفرق بين العراق واليمن وليبيا وسوريا، كلها في الهم شرق)! هكذا ببساطة، اعتياد الهزيمة وقبولها والمرور عليها باستسلام وأكثر، بل بإعلان براءة وجداني واضح!
قد لا نبدو فاقدي الإحساس تماما، قد لا نبدو منسلخين ومتبرئين من قضايانا لهذه الدرجة، لأن ذلك لو حصل لكان كارثة حقيقيّة، ومع ذلك فإن اللامبالاة تسيطر على الموقف، تسيطر على الذهنيات، تسيطر على الأحاديث والأدبيات، الأحداث الكبيرة تحصل في حدائق بيوتنا الخلفية، ضجيجها يصم الآذان، مآلاتها ستطالنا، ستطحننا جميعا، ومع ذلك فنحن نكتفي بإغلاق النوافذ وننام ملء عيوننا، هل تعبنا، أم يئسنا، أم فقدنا التوازن فما عدنا نميز بين الكارثة العظيمة والمسلسلات التركية على قنواتنا الفضائية، هل اختلط الأمر علينا؟ هل شبه لنا؟ هل صرنا مشوشين ذهنيا لهذه الدرجة ؟ أم أننا تعبنا بما يكفي من التعب وبما يكفي من الألم وتأكدنا أنه ليس بالإمكان غير ما كان؟؟

ماعاد الموت فادحا والخسارات عظيمة، مع أننا لا نفقد شبابا وثروات فقط، نحن نفقد أوطانا كاملة ؟ هل يبدو ذلك عاديا ؟ أم أنه صار اعتياديا بفعل الحروب وثورات التليفزيونات وحروب رجال العصابات وتجار السلاح والسياسة؟ ماذا يحدث في اليمن ؟ ليس ثورة بالتأكيد، لكن لا أحد يهتم! ولماذا يتفجر الناس في احياء بغداد منذ اكثر من عشر سنوات ؟ ألم يرتكبوا حربا طاحنة لتوريد الديمقراطية والأمن مقابل النفط، لقد ذهب الأمن والنفط والبشر ولم تدخل الديمقراطية بعد، أهي مهولة إلى هذا    الحجم حتى إن بوابات الوطن العرب لا تتسع لها؟؟ وماذا يحدث في ليبيا؟ ألم يقولوا إن سقوط القذافي سينقذ ليبيا فقد ذهب الطاغية لكن ما بال الطغيان قد صار اشكالا وألوانا؟؟ لقد تعبنا وهرمنا تماما كما صاح ذاك التونسي يوما، فرحا بالفرج لكنه لا يزال ينتظر الفرج هو الآخر
!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يحدث هناك ماذا يحدث هناك



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates