عائشة سلطان
بدأ العام الجديد بموقفين، يعكسان منهج تفكير أكثر مما يترجمان نمط سلوك، فالناس في هذه الأيام أصبحوا ميالين إلى المغالاة أكثر من ميلهم إلى التيسير والترفق، نعرف أنه لا اختلاف ولا نقاش في الأمور والقضايا الدينية التي ورد فيها نص واضح من القرآن الكريم والسنة الشريفة، ما عدا ذلك فإن أصحاب المذاهب قد اجتهدوا وأعملوا تفكيرهم وقاسوا وقارنوا، وأيضاً اختلفوا في التفسير والفهم والاستدلال، فما يعتبر إلزاميا لدى مذهب لا يعتبر كذلك عند آخر، وما تساهل فيه الشافعية تشدد فيه الحنابلة وكل له بيناته وأدلته وطريقته العلمية في الاستنباط والاجتهاد!
اليوم كثر الدين وزاد عدد من يتحدث فيه على عدد من يعمل به ويأخذ به ويطبقه، وحتى الذين يتحدثون باسم الدين، خاصة في كثير من القنوات الخاصة والإعلام الاجتماعي يثيرون الخلافات أكثر مما يدلون الناس على صحيح الدين وأصوله، وصارت تخرج علينا فتاوى غريبة تثير السخرية - للأسف - من الدين ورجاله وهذا ليس في صالح الدين ولا في صالح استقرار المجتمعات وجمع كلمة المسلمين، لقد أصبح الناس يتصارعون على تفاصيل التفاصيل للأسف بل ويتقاتلون!
بالنسبة للموقف الأول حين قلت لإحدى الصديقات جعل الله هذه السنة سنة خير عليك وعلى عائلتك، فإذا بها تنتفض وترغي وتزبد متحدثة عن البدع واتباع أصحاب الملل الباطلة، وأن تهنئتي لها لا تجوز بل هي حرام بالمطلق بل وزادت على ذلك بأن قالت إنها تخرجني من الدين، بصريح العبارة فهي قد كفرتني وانتهى الأمر، لم أجد وسيلة للحديث معها بهدوء وتعقل سوى أن استأذنت وأغلقت الهاتف، متسائلة عن السبب الحقيقي وراء ثورتها اللامبررة، خاصة وأنا أعلم على وجه الدقة درجة التزامها بتعاليم الدين الأساسية على الأقل!
الموقف الثاني كان عبر مواقع التواصل، حين وجدت تكالباً من البعض على إحدى الشخصيات، سباب وتطاول وخروج على الآداب واللياقات الاجتماعية دون سبب حقيقي، بينما كانت هذه الشخصية تجادلهم بالتي هي أحسن حتى تعبت فانسحبت، ومبررهم وجود أمر ما في سلوكيات تلك الشخصية يعتبرونه خارجاً على تعاليم الدين!!
نحن لا ننفي الخطأ ولا نبرره ولا ندعي كمال أحد، فابن آدم خطاء، والدين النصيحة، لكن أهكذا تكون النصيحة، هل يجوز ربط الدين وتعاليم الإسلام بالفجاجة والسباب ونهش الأعراض وتعريض الإنسان للمهانة أمام الملأ وإخراجه من الدين؟ ومن قبل من؟ أناس نعرف تماماً مدى علاقتهم بالدين!! لكنه التوظيف البائس للدين والمتاجرة به لأغراض دنيئة وشخصية ضيقة للأسف!
"الاتحاد"