ليس لهؤلاء من يراسلهم

ليس لهؤلاء من يراسلهم!

ليس لهؤلاء من يراسلهم!

 صوت الإمارات -

ليس لهؤلاء من يراسلهم

عائشة سلطان

في روايته «ليس لدى الجنرال من يراسله» (أو يكاتبه كما في ترجمة أخرى) للعبقري جارسيا ماركيز تلوح ظلال كل جنرالات الجيوش القابعين على كراسيهم في أنظار من يكاتبهم، هم لن يكاتبهم أحد وهم لن يكاتبوا أحداً، سيظلون كجنرال ماركيز في الرواية يرتدون بدلاتهم ونياشينهم وأحذيتهم عالية الكعب كل صباح ويتجهون إلى مكتب البريد أو مسؤول التشريفات أو ضباط الاستخبارات، المهم أن يعرفوا فيما إذا كانت الرسالة التي ينتظرونها وصلت أم لا، الرسالة لن تصل أبداً كما يبدو وكما كان من أمر الجنرال في الرواية، وسينتهي الأمر به إلى الجلوس على كرسيه يقطع الفاكهة ويطعمها للديك العجوز!

بعض حكام العرب كالجنرال وهؤلاء يستحقون الرثاء وبعضهم كديك الجنرال وهؤلاء يستحقون اللعنة، ليس للجنرال من يكاتبه في أمر الرسالة التي ظل ينتظرها 15 عاماً فيما يخص معاشه التقاعدي الذي يحتاجه ليتمكن من الإنفاق على نفسه وعلى زوجته العجوز، مع ذلك فان هذا الجنرال يعتني بديك ورثه عن ابنه ويظل يطعمه طوال السنوات، التي يتردد فيها على مكتب البريد كل يوم، لقد استهلك الديك موارد العجوزين على أمل أن يتمكن من إدخاله في إحدى حلبات مصارعة الديكة فينتصر في المعركة وهنا يرتفع ثمنه ويبيعه ليعتاش بالمال ثلاث سنوات على الأقل.. أي مفارقة!!
هنالك جنرالات عاشوا وانتفخوا وتمددوا على حساب شعوبهم دون أن يقدموا لها سوى الفقر، والمجاعات والحروب والمنفى، ودون أن يدخلوا معركة واحدة يربحها فتعلو نظرة شعوبهم لهم، أو يصبح لهم قيمة تذكر، لا شيء مجرد جنرالات ترتدي بدلاتها الأنيقة وأحذيتها الضخمة اللامعة ونياشينها وتخرج لتتفقد حقوقها الوهمية التي لا تحصدها إلا بحصد أرواح الناس، وحين لا يجدون شيئاً يحيطون انفسهم بالعزلة والعنجهية والمرتزقة ويستمرون في أوهامهم يقطعون الفاكهة للديكة ويلعبون مع أولادهم الذين كالدمى بينما أولاد الناس يموتون في بحار مظلمة وتطفوا أجسادهم على الشطآن البعيدة.. بينما الجنرال مصر على الذهاب لمكتب البريد يسأل عن معاشه التقاعدي وحقوقه التي سرقها ذلك الطفل قبل أن يموت!

لن يكون لدى الجنرال من يراسله وسينتهي كذلك الطفل بعيداً وكسيراً، ولكن ليس شهيداً حتما، فالشهادة لا تليق بالجنرال الذي لا يجد من يراسله، سينتهي غريقاً وحريقاً، ولن يجد من يسعفه هذه المرة ويرتق حروقه ويعيده لقصره فلا قصر يليق بهذا الجنرال بعد ذلك!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس لهؤلاء من يراسلهم ليس لهؤلاء من يراسلهم



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates