في منتصف المسافة

في منتصف المسافة

في منتصف المسافة

 صوت الإمارات -

في منتصف المسافة

عائشة سلطان

سألتني السيدة الألمانية التي تعمل في خدمة العناية بكبار السن من المسافرين، وهي تدفع سيدة إماراتية على الكرسي المتحرك بمطار ميونيخ الدولي، إن كنت أزور ألمانيا للمرة الأولى بعد أن ترجمت لها بالإنجليزية ما أرادت الإماراتية قوله لها.

أخبرتها بأنها ربما هي المرة العشرون فأنا أزور هذا البلد الرائع منذ العام 1999 سنوياً، وأحيانا يصادف أن أسافر مرتين في العام، للعلاج أحيانا، ولمرافقة والدتي، وللنزهة، وللعبور إلى دول أوروبية مجاورة.
قالت: يفترض بي بعد كل هذه السنوات أن أتحدث الألمانية بطلاقة. ضحكت، وقلت لها: لغتكم صعبة جداً، فأجابت دون تفكير ولغتكم كذلك، لكنكم أناس كرماء وطيبون، ضحكنا ومشينا ذلك الممر الطويل معاً بخطوات منتظمة سمع وقعها جلياً في المكان، كنت أحدث نفسي إن كانت تجاملني أم أنها كانت تقول الحقيقة مع علمي بأن الألمان لا يجاملون عادة!

سألتها بشكل مباغت: ماذا عن الألمان المعارضين للوجود المسلم في ألمانيا؟ لماذا يوجد كل هذا العدد من الألمان المعادين للمسلمين والذين يستعدون لتنظيم مظاهرة مناهضة للإسلام في مدينة درسدن؟ قالت بتلقائية لا أعلم، أنا لا أتابع الأخبار جيداً، لكن كيف عرفت؟ أخبرتها بأن لي صلة بالصحافة، أبدت دهشتها، وربما تخوفها، وقالت بما يشبه الاعتذار ومحاولة إنهاء هذا الحديث: أنت تعلمين طبيعة بلادنا، نحن بلد ديمقراطي لا يمكن منع الناس من إعلان آرائهم بحرية شرط طالما لا يؤذون الآخرين!

المعروف عن الألمان حذرهم الشديد في إبداء آرائهم السياسية فيما يخص اليهود والعرب خوفا من تهمة العداء للسامية، لذا صمتت ثم قالت: «صدقيني لا يجوز تعميم التصرفات على الآخرين نحن بلد كبير وعدد سكانه ضخم وبضعة آلاف لا يعني شيئا، أحياناً يكون للأمر دوافع سياسية وحزبية لا أكثر لكن الألمان شعب محترم ومنضبط!

أعادني هذا الحديث لآراء نتداولها في عالمنا العربي عندما نسمع عن مظاهرة هنا أو حادث هناك ضد العرب، أو المسلمين في بلاد الغرب، فنصوّر الأمر وكأن القارة الأوروبية كلها ضدنا، أو أنها تعد العدة للقضاء علينا بناء على تاريخ متسلسل من الاحتلالات البشعة، لكن الأمر ليس كذلك علينا أن نعتني بأمور كثيرة في العلاقة مع الغرب أولها أن نقرأ كثيرا عنهم وعن طبيعة العوامل المؤثرة في السياسة والرأي العام وأن نستثمر الأصوات المؤيدة وأن ندعمها ونقوي دورها وليس العكس، هذا العالم ليس بحاجة لمزيد من أعواد الثقاب، أو مهووسي الحروب وتجار الدماء، هذه أمم عبرت أنهاراً من المآسي وشلالات من الدم وعرفت قيمة الحياة ومعنى البناء والسلام، وعلينا أن نتفق معهم ونسعى معهم للبناء، وأن نتفهم ونفهم طبيعة أنظمتهم وتكوينهم الثقافي والنفسي، وألا يصدر إعلاميونا تحديداً أحكاماً وتعميمات ليست في صالح أي طرف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في منتصف المسافة في منتصف المسافة



GMT 20:38 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

GMT 20:38 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 20:37 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 20:36 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الاستعلاء التكنوقراطي والحاجة إلى السياسة

GMT 20:36 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مخاطر مخلفات الحروب

GMT 20:35 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية؟

GMT 20:35 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أسعار النفط تحت تأثيرات التطورات الجيوسياسية

GMT 20:34 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

إعادة الاعتبار للمقاومة السلمية

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates