عائشة سلطان
في هذا اليوم العظيم سأتذكر بعض الأشخاص الذين كنت أتمنى لو أنهم معي الآن أو أني أقدر على الوصول إليهم، لأهنئهم بالعيد وأقدم لهم هدية ما ولأقول لهم شكراً، شكراً لأنهم تركوا في قلبي أثراً إنسانياً لا يمكن نسيانه أو نكرانه أو تجاهل أثره، وشكراً لأنهم أسعدوني وعلموني ومنحوني لحظة بهجة لا تزال كلما ذكرتها ابتسم، شكراً أيضاً لأن العيد شكر وذكر وتضحية، وشكراً أيضاً لأن العيد عودة وذاكرة واحتفاء واحتفال ..
شكراً أبي، شكراً لكل المعاني التي سكبها صمتك وصبرك في قلبي، فصمتك كان تعالياً على قسوة الحياة وإصراراً على القيام بما عليك، وتضحية بكل ما لديك لكي نتعلم ونكبر ونصير أفضل، في يوم العيد كنت دائم التأنق والابتسام، منذ الصباح كنت تدب في البيت استعداداً لصلاة العيد والتجهز للزيارات والتواصل، يغادرنا آباؤنا مبكراً في غفلة منا، هؤلاء الآباء العظام جداً وبطريقة لا نشعر بها حين نكون صغاراً، إنهم من أعظم الأشخاص الذين يعبرون حياتنا، وحين نفقدهم نتمنى لو أننا ذات عيد نستطيع أن نجلس إلى جوارهم نتذكر ما كان وما فعلنا وما لعبنا وما ضحكنا معهم، وكم تصبح كلمة شكراً صغيرة لكنها تود لو تقفز إلى قلب أبي ذات عيد!
شكراً لجدتي، هذه المرأة التي غادرت ذات رمضان، نحيلة أنهكها المرض وهدتها قسوة الحياة في سنيها السابقات، أتذكرها وهي تحرص على تجهيز أجمل الثياب ليوم العيد، كانت لا تفرط في هذه العادة مهما كانت الظروف، كانت تقول لنا يحب العيد أن يرانا متزينين وفرحين، وكانت تجهز العيدية للصغار باكراً، وترتدي أجمل ما عندها وتحضر بنفسها ذبح أضحيتها، كانت تقول هكذا كان يضحي الرسول، ولم تكن تعترف بالأضاحي التي تذبح في الخارج أبداً، رحمك الله يا جدتي وشكراً لكل ما أهديتني إياه من معان عظيمة!
شكراً لذلك الحي الذي تربيت فيه ونهضت فيه طفولتي على مهل، شكراً لطرقاتك المتربة وبيوتاتك الصغيرة المتراصة وأناسك الطيبين والعيديات البسيطة التي كنا نجمعها فيك، فقد كانت تكفينا لنعيش يوماً سعيداً جداً ننتظره بصبر نافد!
شكراً صديقات العمر الذي تسرب من بين الأصابع فجأة، وذهب آخذاً كل واحدة منكن في طريق، شكراً لأيام التسكع في فريج عيال ناصر وأيام الشقاوة وأيام السهر واللعب وجمع العيدية وبشارات النصف من شعبان، ومشاوير المدرسة الابتدائية و...
لهؤلاء شكراً، وللجميع أطيب التهاني والتبريكات بالعيد الذي أتمناه عيداً سعيداً مبهجاً ومباركاً لكم..عيدكم مبارك.