عائشة سلطان
يحتفي الغرب كثيرا بالمجال الطبي، يرصد للأبحاث الطبية وللتجارب واكتشافات الأدوية واللقاحات الملايين بل المليارات، في الطب وغير الطب، هم لا يتوقفون عن البحث والمحاولات ولا يتوانون عن المحاولة والإشارة لكل مرض طارئ، يطال الجسد أو النفس معا!
منتهى التحضر أن تراقب ما يطرأ عليك، ما تفرزه حركتك وتفاعلك من ظواهر، المجتمعات الحديثة تعيش دورات وطفرات متسارعة في كل شيء، الإنسان في هذه المجتمعات مدفوع بحكم قوة الدفع والتدافع نحو استهلاكات كثيرة، بعضها مدمر وبعضها يتسبب في تمزيقه وبعثرة قيمه وهدوء نفسه واستقرار علاقاته، هذا كله يفرز ظواهر وإشكالات وأمراض نفسية خطيرة أحيانا !
ثورة التقنيات التواصلية واحدة من التطورات التي أفرزت العديد من الأمراض والمطبات، والأمر في الغرب كما في الشرق وعندنا كما عند غيرنا، الجميع يعاني ويتجادل حول تأثير أنماط الاتصال والتواصل الحديثة التي كسرت التواصل الإنساني وشرخت العلاقات الطبيعية لصالح العلاقات الافتراضية.
أصبح في الغرب عيادات طبية ونفسية معا يدخلها المريض للعلاج من الإدمان على مواقع التواصل الإنترنت والهواتف الذكية؟ عيادات يدخلها المدمن ليعيد علاقته بذاته وبالآخرين ويرشد علاقته بالفيسبوك وتويتر والواتس أب والماسنجر بعد أن بدأ الناس يلحظون على أنفسهم علامات أمراض جسدية ونفسية واضحة وجلية كارتجاف الأيدي والأصابع، التوحد، الشعور بالضيق والعصبية الظاهرة في حالة عدم توافر الواي فاي في المكان، الارتباط غير المبرر بأشخاص افتراضيين، الانعزال، الفصام الذهني، ضعف العلاقات العلاقات الاجتماعية، التبرم من الواجبات الحقيقية كواجبات الأم تجاه أبنائها، والأبناء تجاه الأهل وغيرها، إهمال الأنشطة الأخرى وإلغائها من قائمة أولويات الإنسان مثل الرياضة والقراءة والتزاور واللقاءات الحميمة.
في عيادات الصمت على المتعالج أو الراغب في التخلص من إدمان التواصل الاجتماعي أن يترك كل شيء خارجا، أن يصمت لمدة يومين كاملين لا ينتبه إلا لذاته من أجل إعادة بناء العلاقة والتواصل مع الذات، كثيرون لم يكملوا العلاج لأنهم لم يحتملوا البقاء عدة ساعات بدون موبايل!