رمضان الذي لا يغير عادته

رمضان الذي لا يغير عادته !

رمضان الذي لا يغير عادته !

 صوت الإمارات -

رمضان الذي لا يغير عادته

عائشة سلطان

ظهر أمس الأول، وأنا أجوب شوارع بيروت سألني سائق سيارة الأجرة، إن كان قد تم تأكيد بداية رمضان فأخبرته أنه الخميس، فأجاب بدماثة لبنانية معهودة «ورح تقضي عندنا كام يوم من رمضان مدام؟» أخبرته أنني مسافرة يومها وأن الخميس لابد أن أكون في دبي، فانتفض وبصوت مرتفع قال (ليش وما بيصير تصومي رمضان هون؟) ضحكت وطمأنته أنني أترك لبنان مضطرة، ولولا رغبتي أن أبدأ الصوم مع والدتي وعائلتي ما ذهبت، فأرضته الاجابة خاصة وهو رجل كبير في السن يقدر تماما ما تعنيه العائلة ولمّة الأهل والأصحاب في مثل هذه الأيام والمناسبات، قال (معك حق يا بنتي أحلى شيء انك تكوني جنب أمك)! كان صوته يرشح بشيء من الأسى حاول ان يخفيه بكلمات حكيمة عن العائلة وبر الوالدين.

يأتي رمضان كل عام في وقته كعادته التي لايغيرها، يغير عباءة المناخ ويبدل ساعة الشهور الميلادية، يشاكس الفلك ودرجات الحرارة يطل في الشتاء ويفاجئك في الخريف ويأتي في عز الصيف وحرارة الخارج قد تجاوزت ال 45 درجة مئوية. رمضان حاملًا عباءته عبر القرون عابرا القلوب ناثرا الخيرات والبركات حيثما حل وحيثما كان، يأتي فيهطل الخير من كل مكان، حتى الذين يفكرون طويلا في احتياجات رمضان يجدون أنفسهم بغير حاجة حقيقية لكل تلك الأكوام من المعلبات والأطعمة واللحوم ، يجدون أنفسهم يأكلون أقل مما أوحى لهم به وهم الجوع ، يفكرون في الجيران والمسجد والآخرين ، نحن لا نجوع في رمضان كثيرا لكننا قبل حضوره بعدة أيام يخيل إلينا أننا يجب أن نفرغ محلات السوبر ماركت مما فيها ونكدسها في بيوتنا، كأن حربا عالمية ستحل أو كأن مجاعة ستحدث وسينقطع إمداد العالم من الغذاء!

رمضان يوقظ فينا جوعا من نوع آخر، جوعا جميلا ومختلفا، جوعا للتعبد والتبتل والتفكير في الآخرين، هؤلاء الذين يباتون في العراء بلا مأوى، بلا وطن، بلا عائلة، بلا أي مال لشراء اي شيء، قد لا يصومون، قد لا يعلمون أن رمضان قد دخل على العالم، عيونهم مغمضة مما يعانون، جوعهم دائم وفقرهم ملازم، وحرمانهم أبدي، قد لا يكونون بحاجة لما يحفز فيهم مشاعر الجوع للاحساس بالجوعي والفقراء فهم ضحايا هذا الوحش الذي لا زال يفتك بهم منذ سنين!

رمضان يحيي فينا فرائض منسية ومهجورة كالصمت ! الصمت لأجل أن تتعبد خارج دوائر الضوضاء والتباهي والاستعراض اللفظي والاستقواء بالكلام، الصمت كي تغادر ذاتك المتضخمة باهتمامك الشديد والمبالغ، تغادرها للضفة المقابلة كي ترى غيرك فتخجل وتحن وتلين وتعطي، الصمت كي تسجد طاهراً نظيفاً لربك لا لأي شيء أو أحد آخر، رمضان ليس موسم طعام بل موسم إطعام، انه موسم عبادة وخير يمنحك الله إياه لتعطيه لمستحقيه دون أن يكون لك فضل فيه أو على من ستعطيهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان الذي لا يغير عادته رمضان الذي لا يغير عادته



GMT 20:13 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 20:12 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 20:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 20:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 20:10 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 20:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

GMT 20:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الحرب على غزة وخطة اليوم التالي

GMT 20:08 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

نحن نريد «سايكس ــ بيكو»

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates