ربما كنت آخر السلالة

ربما كنت آخر السلالة !!

ربما كنت آخر السلالة !!

 صوت الإمارات -

ربما كنت آخر السلالة

عائشة سلطان

لم تتعب أمي أبداً وهي تحكي لي حكايات من ولوا وراحوا، حكايات من نوع أخبار الزمان وكان يا ما كان، لم تتعب ولم تمل، وأنا التي أظنني سمعت حكاياتها للمرة الخمسين بعد المائة، في الحقيقة هي لا تحكي على طريقة تمضية الوقت وملء الفراغ، أمي لا تؤمن بأن الوقت فراغ علينا ملؤه بالكلام، لكنها تؤمن بأن بين الإنسان ونفسه وما بينه وبين الآخرين مسافات علينا أن نتأملها بروية وأن نقطعها بفهم، وبيننا وبينهم أفكار تحتاج أن نعلنها بصوت عال، كي يستفيد الجميع ويتعلموا، فواحدة من طرق نقل المعرفة هي الكلام بصوت مسموع ومقروء معاً، ألق سلامك واكتب أفكارك وامض إلى خلودك الحقيقي !

تحكي أمي بذاكرة مضيئة، ووعي عميق حكاياتها كفلاح يزرع شجرة، تتأكد من حسن إصغائنا، لا توجه تنبيهات كتلك التي يوجهها المعلمون في المدارس، هي لا تلقننا درساً ولا تحفظنا قصيدة ، لكنها تهبنا ذاكرتها، تستأمننا أسرار عمرها، تضع في قاع قلوبنا صور أهلها وأصحابها والرجال الذين سمعت قصصهم وشهدت مواقفهم والنساء اللواتي تركن أثراً فيها ورحلن ولم ترحل أرواحهن ووقع خطاهن، لذلك فحين نستغرب أو نتململ، لأنها تعيد ذات الحكاية للمرة الخمسين، تقول أريد أن أتأكد تماماً أنني كتبت في قلوبكم ذاكرتي حتى آخر سطر، فهؤلاء الذين أُقلب أيامهم وأنبش أصواتهم وأردد كلماتهم وأفكارهم وما فعلوا وما قالوا معكم هم سيرافقونكم كما رافقوني وستحتاجونهم كما احتجتهم في لحظات كثيرة !

من مروا ومن رحلوا ومن راحوا لا يصيرون أحجاراً، ولا هواء ولا أوراقاً صفراء، إنهم نحن في ختام الحكاية وفي نهاية اليوم، فما نحن ومن نحن ؟ ألسنا جزءاً من أمهاتنا وآبائنا، وشيئاً من أجدادنا وقليلا من التاريخ وخليط من رائحة المكان والجغرافيا، ولذلك فما يمكن أن يدفع للتفكير والخوف ليس تكرار أمهاتنا وآبائنا لحكايات الذاكرة، ولكن ذلك السؤال الذي لا يغادرني : ترى ماذا سنترك نحن لأبنائنا ؟ ماذا يقول جيلنا لأطفاله ؟ لأحفاده ؟ ماذا يكرر عليهم وماذا يستأمنهم ؟ ذاكرة الحروب والإنكسارات والهزائم أم ذاكرة مدن الحديد والإسمنت والزجاج الصقيل والوجوه الباردة القادمة من جهات الدنيا الأربع، هذا إذا كان لدينا وقت للحكي، ورغبة في القص وحرص على حفظ الذاكرة !

الذين ينصتون اليوم لذاكرة آبائهم أو أجدادهم ربما يكونون آخر السلالة، آخر جيل ينصت لذاكرة ويتسلم تاريخاً شفاهياً يهبه إياه والده أو جده أو أمه، فالعابرون الجدد من أجيال هذا الزمان تنزلق كسحالي لزجة على أسطح المدن، تتنفس هواء أي مدينة وتسكن أي علبة وتأكل طعاماً بلا هوية وتمضي إلى مفرمة المؤسسة، تضع أعمارها باستسلام تام كل يوم، دون أن يعنيها كثيراً الوجوه والأفكار والقضايا الكبرى ومنظومات القيم وإنسانية البشر، كل يعنيه نفسه ومصالحه والباقي إلى الطوفان ، فأي ذاكرة يسجل هؤلاء وأي ذاكرة سيحفظون وسيورثون !

من كانت له ذاكرة فليكتبها، ومن ينصت لذاكرة فليحتف بها فربما كانت آخر حكايات الزمان البهي، وربما كان واحداً من آخر السلالة !!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربما كنت آخر السلالة ربما كنت آخر السلالة



GMT 01:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 01:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 01:29 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة الرئيس المنتخب أم الفوهرر ترمب؟

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة بدأت في الرياض

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة بدأت في الرياض

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مسعَد بولس بعد وعود ترمب

GMT 01:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب

GMT 01:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أولوية مشروع الدولة!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates