حدثتني أمي
آخر تحديث 03:46:18 بتوقيت أبوظبي
الأحد 9 آذار / مارس 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

حدثتني أمي

حدثتني أمي

 صوت الإمارات -

حدثتني أمي

عائشة سلطان

تقول أمي إنه في أواخر عهدنا بحي «عيال ناصر» كان يلاصق بيتنا من جهة البحر بيت كبير جداً تسكنه عائلة يشتغل رجالها بتجارة بيع الأقمشة، الأب الكبير واثنان من أبنائه، تعود أصولهم إلى إيران قدموا منها سنوات الثلاثينيات عندما كانت الأزمة الاقتصادية الكبرى تعصف بمصائر الناس هنا وفي كل مكان، إلى درجة أن كثيرين قد ماتوا هنا من الجوع، وتركت أسر بيوتها، ورحلت إلى دول أخرى قريبة، بحثا عن العمل والرزق، كانت مدينتنا على الرغم من الأزمة أفضل حالًا من غيرها لكونها ميناءً مفتوحاً على العالم ولكون أهلها تجاراً وأهل سفر وسفن، لذا تمكنوا من الصمود أكثر من غيرهم، واستقبلوا في مدينتهم أعداداً كبيرة من العائلات والمهاجرين الذين وفدوا إليهم من كل المناطق، وقد استقر هؤلاء في أحياء جديدة عرفت بأسماء مناطقهم التي جاؤوا منها أو العائلات التي ينتمون إليها، فاتسعت المدينة ونشطت أكثر وتغير كثير من ملامحها، معتمدة على الانفتاح والتسامح وقبول الآخر، لكنها حافظت على رصانتها على طول الخط، فلم تتسامح مع هؤلاء القادمين حين كانوا يتجاوزون الخطوط الحمراء، فيما يخص ما اعتادوا عليه من موروث العادات والسلوك.

حدثتني أمي أيضاً عن مدير عام الميناء، سيف بن سالم، الرجل الصارم كاسمه والقليل الكلام، كلمته نافذة على الكبير والصغير لا ترد ولا تكسر لأي ظرف كان، كانت النساء يخوفن أبناءهن به، وكان الصبي إذا قيل له سأخبر سيف بن سالم بما فعلت، يرتعد كمن أصابته حمى، كان طويل القامة في غير إسراف، نحيف الجسد لقلة ما يتناوله من طعام، يعتمر عمامة بيضاء، يلفها بإحكام على رأسه، فلا يرى إلا معمماً، ثيابه البياض دائماً، وكان يرى أن الرجل الذي يلون في ثيابه يفقد موروثات أهله وعادات الرجال، لا يحب تقليد الآخرين في ثيابهم أو مطعمهم أو طريقة كلامهم، كان يسير في أحد الأزقة يوماً عائداً من الميناء إلى بيته فرأى فتى في آخر الزقاق صرخ فيه أن يتوقف بمجرد أن لمحه، ناداه أن يأتي ووقف حتى وصل الفتى ووقف أمامه منكس الرأس، سأله عن اسمه واسم أبيه، ثم وضع يديه في فتحة ثوب الفتى عند العنق وشقها إلى نصفين، كاد الفتى أن يتبول على نفسه من الخوف، ولو فعلها لكان حدث له ما لا يحمد عقباه، قال له اذهب إلى أبيك، وقل له سيف بن سالم فعل بي ذلك، وقل له إذا سألك عن السب بأن الرجل إذا غير ثوبه فرط في شرفه !

حدثتني أمي عن امرأة كانت كنيتها المجنونة، ولطالما تجنبها الناس ودعوا الله أن يجنبهم أذاها، جنونها اتخذ مساراً عجيباً، لم تكن تؤذي الصغار أو ترمي المارة بالحجارة، لكنها تعرف على وجه الدقة متى تنتهي نسوة الحي من إعداد طعام الغداء، فتغافل أهل البيت الذي اختارته، وتسرق قدر الغداء، وتنطلق به باتجاه البحر، تدخله حتى يظن من ينظر إليها أنها على وشك الغرق، لكنها تتوقف في اللحظة الحاسمة مفرغة القدر في لجة البحر وعائدة من حيث جاءت، فإذا اكتشف أهل الدار الفاجعة، وصادف أن التقوها سألوها لماذا فعلت ذلك؟ لماذا تحرمينا من الغداء اليوم؟ تقول كمن تفلسف جنونها اللامبرر: هناك مخلوقات أخرى أيضاً تريد أن تتغدى وتأكل، لستم وحدكم في هذا العالم !!

حدثتني أمي كثيراً عن امرأة كانت تعرف لغة الكون، ماذا تقول الريح، وبماذا يهمس الموج وهو يتدحرج على الشاطئ في أبديته اللانهائية، كانت تحب القطط، وتعالج المرضى، وتمسح على أصحاب القروح والأوجاع المستعصية، كنت أسمعها، وأتذكر شخصيات مشابهة صادفتها في حكايات وروايات كبار روائيي أميركا الجنوبية ومصر وفرنسا ولبنان والجزائر، هناك شخصيات ثابتة لم تكن المدينة تخلو منهم: المجنون، ورجل الدين، والمرأة، و الرجل المتناهي النورانية، المدن كانت كأنها ولدت من رحم واحدة تتشابه في جيناتها وملامحها في مختلف أرجاء الكرة الأرضية، ربما لأن الإنسان الذي بناها ينطلق من الجذر نفسه !

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدثتني أمي حدثتني أمي



GMT 23:30 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

كيف فكك المغرب خلية داعش؟

GMT 23:29 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

مطرقة ترمب على خريطة العالم

GMT 23:28 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

والآن أميركا تنقض الحجر العالمي الأول

GMT 23:28 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

مستقبل الحرب في أوكرانيا

GMT 23:27 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

ضحايا لبنان والعدالة الانتقالية

GMT 23:26 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

« 50501 »

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - صوت الإمارات
احتفلت الملكة أحلام قبيل ليلة عيد الحب بعيد ميلادها في أجواء من الفخامة التي تعكس عشقها للمجوهرات الفاخرة، باحتفال رومانسي مع زوجها مبارك الهاجري، ولفتت الأنظار كعادتها باطلالاتها اللامعة، التي اتسمت بنفس الطابع الفاخر الذي عودتها عليه، بنكهة تراثية ومحتشمة، دون أن تترك بصمتها المعاصرة، لتتوهج كعادتها بتنسيق استثنائي لم يفشل في حصد الإعجاب، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك دعونا نفتش معا في خزانة المطربة العاشقة للأناقة الملكية أحلام، لنستلهم من إطلالاتها الوقورة ما يناسب الأجواء الرمضانية، تزامنا مع احتفالها بعيد ميلادها الـ57. أحلام تتألق بإطلالة لامعة في عيد ميلادها تباهت الملكة أحلام في سهرة عيد ميلادها التي تسبق عيد الحب باحتفال رومانسي يوحي بالفخامة برفقة زوجها مبارك الهاجري، وظهرت أحلام بأناقتها المعتادة في ذلك ا�...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 06:13 2018 الإثنين ,30 إبريل / نيسان

تعرف على مواصفات سيارة فورد فوكوس الجديدة

GMT 19:01 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

قالب الخضار السوتيه باللحم و البشاميل

GMT 17:31 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ستيفن كينج "ملك الرعب" نجم الأكثر مبيعًا في أميركا

GMT 02:06 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

توقيع "حقائق القرآن" لـ رجائى عطية بمكتبة القاهرة الكبرى

GMT 12:29 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

خبير تجميل يكشف عن آخر صيحات الموضة لألوان "الميك أب"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates