عائشة سلطان
قبل عام تقريباً، وعلى مشارف العام الجديد، كنت تحت ضغط عمل شديد أصبت بسببه بحالة دوار مفاجئ أفقدني القدرة على المشي مع غثيان قلب معدتي وكياني كله، فتحولت معه لكائن فائق الحساسية لا احتمل أدنى صوت، أو حتى لمسة بسيطة، وبسبب هذه الحالة مكثت في أحد المستشفيات لأكثر من أسبوع، تدفع لي الممرضة كل يوم بأنواع لا حصر لها من الأدوية بعد كل وجبة، ولمدة أربعة أيام لم يتبين الطبيب المختص الذي يمر بي يومياً ويقرأ التقرير المثبت على السرير حقيقة حالتي، ما جعله يحيلني إلى قسم الأشعة المقطعية لإجراء أشعة على الدماغ! وفي اليوم التالي حين مر بي سألته ماذا وجد في الأشعة؟ لم يجب، لكن طبيبة مرافقة أو متدربة عادة ما تكون بصحبته كل مرة يأتي فيها، تبرعت بالإجابة وبكل ثقة، وبصوت عال وغير مبال في الوقت نفسه قائلة: «احتمال تكون جلطة»!! نعم إلى هذه الدرجة من عدم المسؤولية ممكن أن يكون عليها البعض!! حين صرخت فيها صديقتي أجابت بشيء من اللامبالاة أيضاً: قلت «احتمال» ومضت، كأنها لم تقل شيئاً!
بعد ذلك، تم تحويلي إلى طبيب الأذن، فاكتشف سريعا بعد اختبارات مبدئية لقدرات التوازن، وجود مشكلة في الأذن الوسطى، نسيت أن أقول إن هذا الاكتشاف حصل بعد أسبوع من وجودي في مستشفى طويل عريض يعج بمئات الأطباء والأجهزة والمختبرات، في حين أنني تحدثت بالهاتف منذ اليوم الأول مع طبيب صديق طلب مني أن أصف الأعراض التي مرت بي، وحين فعلت قال لي وبمنتهى الدقة إنه التهاب في الأذن الوسطى بسبب عدم وصول الدم إلى مكان ما في الأذن سبب لك ذلك، وإنه في هذه الحالة عليّ أن أتناول الدواء الفلاني!
هذا التشخيص توصلوا له في المستشفى بعد أكثر من أسبوع، وحين خرجت أعطيت كيساً مملوءاً بما لا يحصى من الأدوية، لكن الدواء الذي قال عنه صديقي الطبيب لم يكن بينها، وظل الدوار على حاله حتى بعد خروجي، وحين ذهبت لزيارته في عيادته أخذت كيس الأدوية معي، فأخذه كما هو وألقى به في سلة أسفل مكتبه وكتب لي اسم الدواء من الصيدلية مضافاً إليه دواء مرفقاً للتخفيف من حالة الغثيان، فتماثلت للشفاء بعد أيام، هذا ما حدث بالضبط معي، ولم أذكره لأحد ولم أرد أن أكتب عنه من الأساس، معتبرة أنها تجربة شخصية لا يتوجب تعميمها، حتى حكت لي سيدة عن إصابتها بحالة اختناق مفاجئة تنتابها بين وقت وآخر تضطر معه للمكوث في المستشفى، وبرغم ترددها عليهم طويلًا إلا أنهم لم يتمكنوا من تشخيص حالتها، بل وأعطوها أدوية كادت تقودها للهلاك!
لولا لطف الله وسفرها للخارج وتشخيص مرضها لماتت المرأة بسبب جهل بعض أطباء مستشفياتنا للأسف! ولن أقول أكثر!