الهروب إلى اللغة

الهروب إلى اللغة

الهروب إلى اللغة

 صوت الإمارات -

الهروب إلى اللغة

عائشة سلطان

في كتابه (متى ستطأ الأقدام العربية أرض المريخ) الذي قرأته منذ سنوات طويلة وما زلت أتذكر تلك الحادثة التي أوردها في خضم حديثه عن معاناته كطالب مبتعث يدرس طب جراحة المخ والأعصاب في فرنسا يقول الذي أصبح رئيساً لتونس بعد الثورة (المنصف المرزوقي): «ذات مرة وأنا في باريس أستمع إلى واحد من خطابات الرئيس الفرنسي «جورج بومبيدو» إذا به يقول وسط حديثه للفرنسيين علموا أبناء المستوطنات اللغة الفرنسية وهذا كفيل بأن يجعلهم يشترون كل ما هو فرنسي أو يؤمنون بكل ما هو فرنسي» نحن هنا لسنا في مجال وضع اللوم على فرنسا أو الغرب فيما آلت إليه أمورنا، ولا نقول إن فرنسا أو الغرب يتحملون وحدهم وزر وكارثية تخلف العرب وانحطاط أحوالهم، فالعرب يتحملون الجزء الأكبر، ذلك أن التخلف ليس قدراً كما الهزيمة وكما الانتصار وكما التمدن والتطور والنجاح، هذه أقدار يصنعها الإنسان بآليات عمل معروفة، العمل والجد والاجتهاد والتفكير والسعي و....، ولكن الغرب سعى ما وسعه الجهد لنكون كما نحن اليوم ووافق أن زرع بذوراً لاقت تربة صالحة فنمت سريعاً!
المنصف المرزوقي يقول: «بمجرد أن أنهى بومبيدو خطابه، وجدتني أهرع لأقرب هاتف عمومي أطلب والدتي البدوية البسيطة في أقصى قرى تونس أطلب منها أن ترسل لي ما تستطيع من كتب عربية، فأنا ما عدت بحاجة لبطانيات وملابس ثقيلة وحلويات، أنا بحاجة لأتمترس خلف لغتي، قلت لها بومبيدو يريد أن يحتلني ثانية يا أمي، انجديني بلغتي!

هذا الفعل، سواء كان حقيقياً أو مجازياً، فإنه يمثل أولى علامات الوعي أو أساس لبنات الوعي عند الإنسان العربي، الذي يعلم تماماً حقيقة أنه مسؤول مسؤولية تامة عن تقدمه كما عن تخلفه، وأن أي دولة في العالم لا يمكنها أن تفرض عليك واقعاً أنت تمتلك القدرة على رفضه، فها هي إسرائيل تحتل الأرض الفلسطينية لكنها لم تستطع في أية لحظة رغم حجم المؤامرات أن تحتل العزيمة واللسان والإرادة الفلسطينية، لم تستطع حتى بعد عقود أن تجعل الفلسطينيين ينسون أنهم كذلك، أو يتخلون عن مفاتيح دورهم التي غادروها عام 1948!

الطالب التونسي الذي صار رئيساً فيما بعد قاوم المخطط الفرنسي بالتمترس خلف ذاته واستخدم أفضل آليات الدفاع عن نفسه، دافع ضد تشظيه الثقافي بأن دخل عميقاً في ثقافته ولغته، فالاستعمار يتركنا لكنه يزرع فينا القابلية للاستعمار، نحن من يجب أن نستأصل هذه القابلية بمنتهى الوعي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهروب إلى اللغة الهروب إلى اللغة



GMT 20:38 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

GMT 20:38 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 20:37 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 20:36 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الاستعلاء التكنوقراطي والحاجة إلى السياسة

GMT 20:36 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مخاطر مخلفات الحروب

GMT 20:35 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية؟

GMT 20:35 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أسعار النفط تحت تأثيرات التطورات الجيوسياسية

GMT 20:34 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

إعادة الاعتبار للمقاومة السلمية

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates